في مقابل الغصّة القواتية، على مستوى القاعدة، برؤية «الحكيم» يعدّ العدّة للقاء القمة مع العماد ميشال عون، يتحضّر القواتيون للاحتفال بانتصار داخلي يتجاوز كل هموم المعارك السياسية. يوم الاربعاء المقبل، سيتسلم 67 قواتيا بطاقتهم الحزبية لأول مرة في حفل عنونه المنظمون تحت شعار «أنا ملتزم».
لا بطاقة تحمل الرقم واحداً لرئيس الحزب، أو الرقم اثنين لنائب الرئيس. الدفعة الاولى من تسليم البطاقات، من قبل رئيس الحزب، تشمل 67 اسما هم عدد أعضاء الهيئة العامة للحزب المسجّلة لدى وزارة الداخلية. لكن لجنة تنظيم الاحتفال لم تقرّر بعد اسم الحزبي الذي سيسلّم جعجع بطاقته.
وبما ان «البروباغاندا» البرّاقة صارت مرادفة لكل النشاطات القواتية، سواء الحزبية أو تلك التي تتعلق بـ «طلّة «الحكيم»، فقد أرتأى المنظمون توثيق الحفل، المفترض ان يكون بين الجدران، بالصوت والصورة.
تشكّل هذه النقلة محطة في مسار بدأ منذ العام 2006 لتطوير بنية وهيكلية حزب «القوات»، وصولا الى وضع نظامه الداخلي، وتأليف لجنة مركزية للانتخابات، ثم إطلاق ورشة الانتساب الى الحزب في شباط من العام 2013.
بالارقام، لا التوقعات، يتحدّث القواتيون عن 25 الف منتسب للحزب، أتمّوا العشرين من عمرهم، أصبحت بطاقاتهم الممغنطة جاهزة (لأول مرة في لبنان يستخدم هذا النوع من البطاقات)، وسيستلمونها على دفعات، فيما غُربِلت مئات طلبات الانتساب التي لم يستوف بعضها الشروط المطلوبة، لان «ليس المطلوب العدد بل الفعالية. ولان ثقافة العمل الحزبي، غير المتوافرة في الاحزاب الاخرى، شرط أساسي وليس مجرد تفصيل»، كما تؤكد مصادر «القوات».
يعترف القواتيون بحصول بعض التأخير في البدء بورشة التسليم بسبب الظروف السياسية. لكن التوقيت بحدّ ذاته يحمل دلالة هامة في روزنامة معراب، حيث سيلقى على عاتق المنتسبين الجدد انتخاب الرئيس ونائبه وأعضاء الهيئة التنفيذية، ورؤساء المراكز لولاية مدّتها اربع سنوات. وفق المصادر، فإن الموعد المبدئي للمؤتمر العام هو في الصيف المقبل.
ويفاخر مؤيّدو سمير جعجع بجرعات زائدة من الديموقراطية تتوافر في حزبهم ولا أثر لها في الاحزاب الاخرى، بكل تنوّعاتها الطائفية. فـ «الحكيم» نفسه كما يؤكّدون، وفق بنود النظام الداخلي، لن يكون قادرا على تأمين «لوبي» كامل داعم له في انتخابات تنطلق من القاعدة. لائحتان: واحدة للرئيس واخرى لنائب الرئيس تبعد، برأيهم، خيار الرأي الواحد، فيما المنتسبون يقترعون وفق نظام «one man one vote».
سبق للقواتيين، وفق مصادرهم، ان اختبروا تجربة «المشاركة الحزبية» في القرار حين تمّ اختيار فادي كرم من قبل محازبي الكورة ليخلف النائب فريد حبيب، ثم أيّدت الهيئة التنفيذية هذا الخيار وانتخبت كرم، قبل صدور القرار من قبل رئيس الحزب. رغم كل هذه «الاحتفالية» بمهرجان الديموقرطية المقبل على معراب، يصعب فعلا تخيّل أحد من القواتيين لا يتبنى شعار «فليحكم سمير جعجع».
وفيما شكّلت عملية إطلاق الانتساب وتسليم البطاقات المرحلة الاخيرة من الورشة التنظيمية، وسبقتها عملية استنهاض واسعة للقاعدة القواتية في كل المناطق، فإن نهاية هذا المسار قد تزامنت مع واقع ليس هامشيا في أجندة القواتيين هو اللقاء المرتقب بين ميشال عون وسمير جعجع، والذي قد يأتي تتويجا لسلّة من التفاهمات المسبقة.
واقع لم يكن في حسبان أحد منذ لحظة الفراق المسيحي عند عتبة التحالف الرباعي. من يومها صار العونيون وقودا للوهج القواتي، والعكس صحيح. والى اللحظة التي أُعلِن فيها عن الرغبة المتبادلة بكسر حواجز التباعد والنفور بين الرابية ومعراب، كان كل ما يقوم به ميشال عون يشكّل عنوانا لمزيد من التصلّب وشدّ العصب القواتي.
بالتأكيد ان الشريحة العظمى اليوم من القواتيين، خصوصا على مستوى القواعد، تسكنهم النقزة من حوار لم يخطر على البال، وبأحسن الأحوال هم من غير المرحبين به. لكن هذا التغيير في المشهد المسيحي، غير المسبوق منذ العام 2005 منفصل كليا، بتأكيد مصادر قواتية، عن الحماسة للانغماس في الصحن القواتي الحزبي، ما دام العداء لـ «الجنرال» لم يكن يوما جزءا من استراتيجيا «القوات» في نقاشاتها الداخلية، وتوسيع دائرة المنتسبين اليها، كما في مشاريع توسّعها وتمدّدها في المناطق والجامعات والمدارس.