ما أُخذ بالقوة العسكرية لا يُسترد إلا بالقوة الشعبية»
تظاهرة 11 تشرين: عون عند تخوم بعبدا
صحيح ان «التيار الوطني الحر» استعاد مؤخرا «لياقته البدنية» في الشارع، عبر مجموعة من التحركات الشعبية المعترضة على «سياسة التهميش والإقصاء بحق المسيحيين»، لكن التظاهرة المقررة في 11 تشرين الأول المقبل لا تشبه غيرها، بل «تحمل نكهة خاصة ووقعا مختلفا» على حد تعبير أحد العونيين.
«حق الله ومار عبدا.. عون راجع عا بعبدا». تحت مظلة هذا الهتاف الذي صدح بقوة خلال حفل تسلم الوزير جبران باسيل رئاسة التيار في «بلاتيا»، سيتدفق «البرتقاليون» مجددا نحو القصر الجمهوري وسيملأون الطرق المحيطة به، لا سيما أن لديهم «ثأرا تاريخيا» مع 13 تشرين الأول 1990 الذي شكل منعطفا في مسار التيار وقائده، بعدما أفضى الهجوم العسكري السوري على قصر بعبدا في ذلك اليوم الى إبعاد العماد ميشال عون عن «أحلامه» من القصر الى السفارة الفرنسية في مار تقلا وصولا الى المنفى القسري في فرنسا.
ليس أمرا عاديا أن يعود أنصار «التيار الحر»، بعد ربع قرن من الهجرة السياسية، إلى محيط قصر بعبدا للمطالبة بـ«استعادته» من الجهات الداخلية والاقليمية التي يفترض محبو «الجنرال» انها «صادرته على مدى عقود».
ولذلك، يتوقع العونيون «ان تكون هناك استجابة كبرى في صفوف قواعد التيار للدعوة الى التظاهرة التي تنطوي أيضا على تحد شخصي لباسيل، المعني بإنجاح اول استحقاق جماهيري، مع انطلاقة «عهده» رسميا».
ويؤكد قيادي بارز في «التيار الحر» ان تظاهرة 11 تشرين الاول «ستكون بمثابة استفتاء شعبي، غير رسمي، حول ترشح عون الى رئاسة الجمهورية»، مشيرا الى انه إذا كانت تظاهرة ساحة الشهداء الاخيرة قد شكلت «ميني تسونامي»، فان تلك التي ستتجه نحو قصر بعبدا «سترقى الى مستوى «تسونامي» كامل المواصفات».
ويتوقع القيادي «زحفا برتقاليا غير مسبوق في اتجاه أقرب نقطة ممكنة الى القصر الجمهوري، بفعل ما يمثله هذا المكان من مكانة في وجدان المسيحيين عموما وبالاخص لدى أنصار التيار الذين يشعرون بانهم سيستعيدون، ولو رمزيا، في 11 تشرين ما كانوا قد خسروه في 13 تشرين، لا سيما ان هناك صلات وجدانية تربطهم بـ «قصر الشعب» الذي فُتح امامهم ولهم في ايام تولي عون رئاسة الحكومة العسكرية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي».
وفق القيادي نفسه، يحمل تحرك 11 تشرين دلالات رمزية، لعل أهمها التأكيد ان عودة عون الى قصر بعبدا رئيسا للجمهورية هي بداية الحل الجذري، تماما كما كان اخراجه منه في العام 1990 سببا لتعميق الازمة الوطنية، «فما أخذ بالقوة العسكرية لا يُسترد إلا بالقوة الشعبية».
ويلفت القيادي الانتباه الى ان المأزق الحالي بدأ فعليا بعد إزاحة عون قسرا عن قصر بعبدا قبل 25 سنة وتكريس الخلل في التوازن والشراكة في السلطة منذ ذلك الحين، بحيث ان الانتخابات النيابية المتعاقبة بدءا من العام 1992 لم تكن سوى محاولة لـ «شرعنة» هذا الخلل وتثبيته، وبالتالي فان رسالة 11 تشرين ستقول لمن يهمه الامر ان اللعبة انتهت، وعون راجع الى بعبدا، وزمن قوانين الانتخاب المشوّهة ولى، وعصر النسبية آت لا محالة.
ويعتبر القيادي ان عون قرر العودة الى «ينابيع البدايات»، والاستعانة مجددا بالشعب لحماية قصر بعبدا، «وهذه المرة ليس من الاحتلال العسكري وإنما من خطر الاحتلال السياسي الذي سترزح تحته رئاسة الجمهورية، في حال انتخاب رئيس ـ دمية، لا يحمل أي حيثية تمثيلية»، لافتا الانتباه الى ان رئيسا من هذا النوع «سيشكل عبئا على لبنان وعلى الطائفة التي ينتمي اليها، ما يعني تمديد الازمة لسنوات مقبلة».
أما العبارة الاخيرة التي ختم بها عون خطابه خلال حفل تسليم باسيل رئاسة «التيار الحر»، «فلم تكن عابرة، بل كان يعني ما يقول عندما أكد لجمهوره انه سيكون لهم رئيس من رحم معاناتهم ونبض تطلعاتهم وآمالهم» وفق القيادي البرتقالي.
يصر العماد عون على أن الرد على رفض خصومه معادلة الرئيس القوي يكون بالتمسك بها مهما طال الزمن، على قاعدة «لا رئيس للجمهورية.. إلا إذا كان قويا»، وهنا يتوقف القيادي العوني عند لجوء بعض هؤلاء الى التشويه المتعمد لموقف «الجنرال» من خلال اجتزاء كلامه الذي اعتبر فيه انه «إذا كان الخيار بين الرئيس الدمية والفوضى فلتكن الفوضى»، مشيرا الى ان الجزء الأخير الذي تم تجاهله عمدا هو الاهم، إذ أضاف تعليقا على التلويح بالفوضى: «إن استطاعوا.. ولن يستطيعوا».