IMLebanon

تظاهرة السفارة الروسية «أشباح» من زمن التشبيح

من خلف ستارة دعم محاربة الإرهاب وتحت مُسمّى «الجالية السورية» في لبنان، نُظمت أمس الأول أمام السفارة الروسية في بيروت تظاهرة بعنوان «شكرا روسيا» على تدخلها العسكري في سوريا، وهو ما أثار موجة من التساؤلات حول قانونية هذه الأنواع من التظاهرات خصوصاً أن التظاهرة الاخيرة لم تكن تحظى لا بتأييد شعبي ولا بموافقة السلطات اللبنانية، إضافة إلى انها جاءت لتستفز مشاعر الكثير من الناس سواء سوريين ام لبنانيين لهم في كل محطة من مراحل النظام السوري حكاية وجع ما زالت آلامها مستمرة لغاية اليوم.

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كان أول المعلقين على التظاهرة عبر موقع «تويتر» حيث «طالب وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والنيابة العامة التمييزية بالتحرك لتوقيف اللاجئين الذين تظاهروا بعد ظهر اليوم ولتذكير الآخرين باحترام أصول اللجوء«. وللتذكير أيضاً أن نسب التظاهرة إلى «الجالية السورية» كان بمثابة التفاف واضح على حقيقة الداعمين الحقيقيين والمنظمين لها وهو ما كشفته كاميرات بعض شاشات التلفزة التي كانت تنقل الوقائع بشكل مباشر من أمام السفارة الروسية حيث أظهرت عدداً من الوجوه المعروفة بولائها المطلق للنظام السوري والتي كان لها دور بارز على الصعيد المخابراتي الأمني على الأرض في زمن الوصاية.

يرى مراقبون لحركة المناسبات أو التظاهرات التي تديرها السفارة السورية في لبنان في الخفاء من حين إلى آخر، أن التظاهرة الأخيرة تندرج ضمن الإطار نفسه، وقد استعاد المراقبون أنفسهم وجوهاً وأسماء من التظاهرة، كانت لها مشاركات سابقة دعت اليها سفارة النظام السوري في لبنان وآخرها «مسرحية» إنتخاب رئيس لسوريا التي أفضت إلى التجديد لبشار الأسد. ومن خلال هذا الاعتداء السياسي الواضح والفاضح على السيادة اللبنانية واستحضار لغة التحريض ضد دول شقيقة وجارة، تحضر محاضرات السفير السوري في لبنان الذي لم يترك منبراً رسميا وغير رسمي إلا واستغلّه لتوجيه دروس الى اللبنانيين يدعوهم من خلالها الى القيام بواجباتهم الوطنية ودعوتهم إلى ضبط حدودهم وكيفية وجوب تعاطيهم مع الأزمة السوريّة من خلال النأي بأنفسهم.

ما تطرق اليه جعجع في كلامه حول الجانب القانوني للتظاهرة، يشرحه الدكتور في القانون الدولي انطوان صفير حيث يؤكد لـ»المستقبل» أن «أي لاجئ على الأراضي اللبنانية يخضع تلقائيّاً للقانون والدستور اللبناني اللذين يمنعان أي لاجئ من التحرّك بطريقة خارجة عن القانون وضرورة التزامه الكامل بالقوانين والتي تحدد طبيعة لجوئه منذ اليوم الأول إلى لبنان». وبما أن الموضوع متعلق بالتظاهرة المذكورة والتي خرجت عن العناوين التي قيل أنها خرجت لأجلها، يوضح صفير أن أي تظاهرة سواء تلك التي نفذت امام السفارة الروسية أو غيرها لا تكون خاضعة للقانون اللبناني، تعتبر خارج سياقها السلمي خصوصاً عندما تتحوّل إلى منصة لتخريب علاقة لبنان بدول شقيقة وجارة، طالتها سهام بعض المتظاهرين بالنقد والتجريح».

ويؤكد أن «نزول اللاجئ على الارض للإشتراك في تظاهرة أو تنفيذ اعتراض على أمر ما، يجب أن يسبقه طلب ترخيص من الدولة اللبنانية يطلب منها السماح له القيام بتظاهرة أو تحرك مع تحديد المكان والزمان، لكن يبقى الشرط الاول والاخير هو موافقة الدولة اللبنانية على الطلب وإلا فسوف يكون التظاهر خارجاً عن القانون وعندها يخضع اللاجئ لقانون وشروط الإقامة في لبنان كالتوقيف أو الترحيل».

من المعروف أن في لبنان حوالى مليوني نازح سوري أغلبيتهم الساحقة لم يحملوا حتّى اليوم صفة لاجئ رسمي وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة رؤية المجتمع الدولي طبيعة ومفهوم هذا النزوح، ورغم ذلك فإن الأكثرية الساحقة منهم غير مؤيدة على الإطلاق للنظام السوري ومع هذا مُنعت في الكثير من الأوقات من تنفيذ اعتصامات منددة بمجازر النظام تحت عنوان «الجالية السورية» في لبنان تعود إلى الترهيب والترغيب الذي تمارسه سفارة النظام مع مجموعات من خلفائها في لبنان، ومن يتابع حركة التظاهرة الاخيرة، يمكن أن يلمس طبيعة الجهة التي أدارتها ونظمتها من خلال اللافتات والصور التي رفعت والهتافات التي رددها المتظاهرون بالإضافة إلى رفعهم أعلام إيران وسوريا و»حزب الله».