وفيه أيضاً طبقة سياسية باتت ممجوجة.
وحراك مدني كان مطلوباً، وأصبح مرفوضاً.
والارهاب، هو الآن القضية الأهم.
وهي جاثمة على القلوب، وعلى الصدور كما على العقول.
الى بيروت انطلقت.
والى الشمال انطلقت.
وفي البقاع حلّت وتوسّعت.
وجثمت على أرض الجنوب.
وخرّبت الجبل والساحل.
وهذا حلم طالما كان يدغدغ الاسرائيليين.
ويحلمون به من ايام دافيد بن غوريون.
وصولاً الى غولدا مائير واسحاق شامير،
ومن دون نسيان رابين وشارون.
كان الخطر الاسرائيلي جاثماً على العقول، الى أن أبصر الارهاب نجومه.
لا أحد كان يتوقع بزوغ الارهاب الداعشي، ولا ولادة النصرة ولا القاعدة.
العالم من أدناه الى أقصاه، راح يتفرج على الكارثة الارهابية، وهي تنمو ونزدهر.
شاهدوا الداعشيين يجردون المدى والسكاكين، ويذبحون البشر من الوريد الى الوريد.
لكن، لم يكن أحد يتصور أن الشباب المتعصب، والمقيم في فرنسا، وانكلترا، وأميركا، وبروكسل، سيعمدون الى القتل بالرصاص، والى الذبح بالمدى، والى تصفية ١٥٢ شاباً في فرنسا دفعة واحدة، أو بالتناوب.
***
في غمرة هذه الكارثة، نقل الرئيس نبيه بري، جلسة الحوار من ساحة النجمة الى عين التينة.
ربما لأن الارهاب نقل ساحته من عكار والضنيه وطرابلس والقلمون اللبنانية، الى برج البراجنة.
او لأن دولة الرئيس يسعى الى ممالحة بين الأضداد، بعد ٣١ جلسة في مجلس النواب وعشر جلسات في ساحة النجمة، ولبنان باقٍ من دون رئيس جمهورية.
لم يفهم السادة النواب، أن ليس المطلوب رئيساً، بل قائداً للجمهورية، لا يعد الأزمات، بل يصنع التوافق والحلول، في بلد تجتاحه العنعنات والارهاصات السياسية والشخصية.
كان الرئيس حسين العويني، يردد في مطلع الستينات، بأن فؤاد شهاب عجز عن التغيير، في طباع الناس وفي طبيعة النظام، وان المطلوب بلد غير معهود ومعروف سابقاً، لكن اكتشافه معجزة لا صدفة.
هل وجدها الرئيس نبيه بري، عندما دعا السياسيين الى الممالحة في عين التينة وجعلهم يتفقون على ترحيل النفايات الى خارج لبنان.
صحيح ان ذلك مكلف.
لكن، لا بأس، ما دامت الدولة مشرفة على الافلاس، ولا تفلس.
ربما، يتفلسف رجالاتها، لكنهم لا يفلسون.
***
هل كان المطلوب ترحيل الارهاب، وترحيل الطبقة السياسية؟
الا ان الوزير السابق زياد بارود، كاد ان يقول إن ذلك هو المطلوب، لكنه تردد في اعلان ذلك، لأنه عندما جيء به وزيراً للداخلية، للمساهمة في اعداد قانون للانتخابات، على أساس أنه من لجنة فؤاد بطرس، نسب نفسه الى مرجع كبير، لم ينتسب يوماً الى الحداثة السياسية.
هل كان الترحيل في قرار الرئيس بري مجرد شعار، لا عنواناً لموقف سياسي.