كل الكتل عادت ووافقت على ترحيل النفايات. 50 مليون دولار أقرها مجلس الوزراء بدون أي اعتراض يذكر، مزيلاً، بالتالي، العائق الأخير من أمام توقيع العقد مع شركة «شينوك» الانكليزية.
الترحيل صار واقعاً، وإن حافظ الخطاب الرسمي على توصيفه بـ «أبغض الحلال»، وهو ما كرره أمس رئيس الحكومة تمام سلام والوزير أكرم شهيب في جلسة مجلس الوزراء، الذي وافق كل أعضائه على انطلاق بواخر النفايات، فيما اكتفى وزيرا «التيار الوطني الحر» بخطوة رمزية تمثلت بعدم التوقيع على السلفة.
أما الاعتراضات الأهلية، فسقطت بدورها أمام حجم المصالح التي كانت تختبئ خلف أكياس النفايات، وإن كانت لا تزال تسجل بعض المساعي الخجولة المصرة على عرقلة «فضيحة الترحيل» وفضح «شبكة الفساد» المستفيدة منها. لكن بعد كل المراحل التي مرت بها الأزمة، وبعد أن صار «الحراك الشعبي» صوراً تُحمل في تحركات رمزية ينفذها «طويلو النفس»، لم يبق سوى سؤال واحد: متى تحمّل النفايات على ظهر البواخر؟
حتى اليوم لا يزال الوزير أكرم شهيب يقول إن الترحيل لن يتأخرعن 28 شباط. أما تاريخ توقيع العقد، فيؤجل باستمرار منذ الموعد الذي كان مقرراً في 6 شباط، لكن رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر يؤكد، هذه المرة، أن التوقيع سيحصل خلال يومين.
بالنسبة لشهيب، هذه خطوة إجرائية كان يمكن تنفيذها منذ اليوم الذي قدمت فيه الشركة المستندات المتعلقة بالترحيل، أي في 29 كانون الثاني، لكن التأخير كان يهدف إلى انتظار إقرار مجلس الوزراء للسلفة، لأنه في حال استحقت مبالغ على الدولة اللبنانية لمصلحة الشركة ولم تكن الاعتمادات قد حجزت، ستضطر الدولة إلى دفع غرامات تأخير. أما الآن، فستحول الأموال إلى حساب مجلس الإنماء والاعمار في المصرف المركزي، وتكون جاهزة للدفع بحسب الاتفاق.
والاتفاق يقضي بأن يدفع ثمن كل شحنة بشكل مستقل، وفق آلية تضمن وصول النفايات إلى الوجهة المحددة، حيث لا يفرج مجلس الإنماء والاعمار عن ثمن الشحنة إلا بعدما يتسلم من المرفأ ـ الوجهة مستنداً يثبت تطابق كمية النفايات المسلمة مع الكمية التي سجلت في «المانيفيست» الصادر من مرفأ بيروت.
وإلى ذلك الحين، فإن الخمسين مليون دولار (معظمها من الصندوق البلدي المستقل) ستكون الضمانة التي يتسلح بها المجلس لفترة ستة أشهر، تغطي ثلث فترة الترحيل المتوقع أن تكلف 161 مليون دولار. وقد أجريت الحسبة، على أساس توقعات بتصدير نحو 2400 طن من النفايات يومياً (تكلفة الطن 123 دولاراً)، هي الكمية التي يفترض أن تبقى بعد فرز نحو 3000 طن، علماً أن الوزير شهيب، يرجح أن تنخفض كمية النفايات المُرَحَّلة مع الوقت، في ظل توقعات بانسحاب أكثر من بلدية من خطط الترحيل (بدأت تباشيرها مع توقيع بلدية الحازمية وبلدية أخرى عقداً مع معمل صيدا لمعالجة نفاياتهما)، علماً أن العقد قد لحظ كمية 1700 طن كحد أدنى للتصدير.
وإذ أكد مجلس الوزراء في جلسته على أهمية انطلاق مركب الحل المستدام بالتزامن مع انطلاق مراكب الترحيل، علمت «السفير» أن الأولوية ستعطى في المرحلة المقبلة لمسألة رفع النفايات المتراكمة منذ سبعة أشهر، حيث تردد أن الحل صار متاحاً، بعد أن أجرت شركة «سيشي» الفرنسية دراساتها على الكميات المتوافرة. كما تبين أن الوزير شهيب قد طلب من مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان تقريراً بالأماكن، حيث تشكل النفايات خطراً على مصادر المياه، لتتم إزالتها في البداية.