IMLebanon

… والحَجْر المالي

 

 

الوضع المالي – الاقتصادي – الاجتماعي يشغل اللبنانيين أكثر من كورونا.

 

صحيح أن «وباء العصر» الذي يمضي لأن يصبح جائحة لا تقف أمامها حدود وسدود يثير الذعر في النفوس. ولكن اهتمام المواطن يبقى منصباً، بالأولوية على لقمة العيش. وفي شبه إجماع الناس أن «كورونا» وباء خطر جداً.  هذه حقيقة لا شك فيها ولا جدال حولها. ولكن تبقى الوقاية فاعلة، والتدابير العديدة يمكن الاعتماد عليها…

 

ولكن الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية تفاعلت الى درجة بات متعذراً الوقاية منها أو الحجر عليها.

 

فكيف يتقي صاحب الودائع تدابير عدم تمكنه من الوصول الى مدخراته؟ خصوصاً المتقاعدين وذوي الدخل المحدود وأصحاب الودائع الصغيرة؟

 

كيف لمن يحتاج الى قرشه الأبيض في اليوم الأسود (وهل من أيام أشد سواداً مما يعانيه اللبنانيون؟) كيف له أن يستفيد من قرشه الأبيض وهو «المحجور» عليه فلا يصل الى مبتغاه؟!

 

لقد وُجد محجر صحي لمصابي كورونا والمحتمل أصابتهم أو الذين ربّـما يختزنون هذه الوافدة المروّعة… أما الحجر المالي على الودائع فحوّل لبنان كله الى مستشفى رفيق الحريري ولكن من نوع آخر، وحوّل اللبنانيين كلهم الى محجور عليهم في كل بقعة وكل مدينة وبلدة وقرية ودسكرة من هذا الوطن المصاب في صميم رفائه وهنائه وأسلوب عيش اعتاده اللبنانيون وميزهم عن الكثيرين من مواطني البلدان المجاورة؟

 

إنّ كورونا قد تصيب أحداً (حمى الله الناس أجمعين من الجائحات والوافدات والڤيروسات والميكروبات…) أجل إن كورونا قد تصيب ولكنها لا تذل….

 

… وأمّا جائحة الحجْر على الودائع فهي تذل صاحب الوديعة الذي يجب عليه أن يرابط منذ ساعات الصباح الأولى أمام أبواب المصارف، فيلتقي هناك بأمثاله من المواطنين، ليشكلوا «طابوراً» في الخارج وحشداً في الداخل، حتى اذا قاربت الساعة التاسعة والنصف صباحاً وأقصاه العاشرة، لعلع صوت ينبئ بأن «صندوق الدولار قد أقفل»… ولا يتوانى صاحب الصوت عن القول: «نشوف وجّكن بخير بكرا».

 

وكم يكون ظريفاً (ظريف؟ أليس كذلك؟!) أن تكون التعليمات أحياناً  كالاتي: اليوم  ما في دفع بالدولار… اللي بدّو مئة أو مئتي دولار بيقدر ياخدهن بالليرة اللبنانية».

 

واذا استفسر صاحب الحق عن السعر قيل له: نعطيك 300 ألف ليرة زائدة بضعة آلاف… وأمّا هو فلو أراد ان يشتري المئتي دولار من عند الصرافين الأتقياء الأنقياء الأصفياء لوجد نفسه مضطراً  لأن يدفع ما بين 480 ألفاً و 500 ألف ليرة فقط لا غير، وعداً ونقداً.

 

أليس هذا هو الواقع المؤلم؟!

 

أليست هذه هي الحقيقة؟!

 

أليس أن دولتنا العلية لا تزال غافلة عن هذا المسار المؤذي جداً؟!

 

ويحدثونك عن الحلول! وعن «الليرة بألف خير»!

 

و… يا صباح الخير!