ما شهده مجلس النواب الثلثاء الماضي ليس مجرّد حصار شعبي منَعَ انعقاد جلستين إدارية وتشريعية، بل لا بد من التوقف عند هذا المشهد، للقول إن الشعب اللبناني له كلمته في كل ما تطبخه السلطة، وأن الثوّار فقدوا كل الثقة بالجميع بمن فيهم النواب.
قرّر الشعب الثلثاء أن يُغلق مجلس النواب، والرسالة واضحة بأن الثقة التي ستُمنح لأي حكومة جديدة من النواب يجب أن تمر أولاً عند رأي الثورة والشعب، وبالتالي حتى لو اتفقت القوى السياسية على اسم رئيس الحكومة وشكلها وبيانها الوزاري، وحتى لو كسبت دعم كل دول العالم، فلن يكون لها أمل التغيير إلا بالحصول على ثقة الشعب الذي سيصوّت بـ»ممنوع أو مسموح الدخول» إلى المجلس في جلسة منح الثقة، وأي التفاف على مطالب الناس ستكون النتيجة واحدة اسقاط حكومة السلطة مجدداً.
استقال الرئيس سعد الحريري وتجاوز الثوّار مطلب إسقاط الحكومة ليكون أول مطلب على لائحتهم تشكيل حكومة تكنوقراط.
مجلس النواب بات مطوّقاً بقرار من الشعب والبوابات أصبحت بشرية، وتبقى الكرة في قصر بعبدا الذي سيشهد كلمة جديدة للرئيس ميشال عون مساء اليوم، والسؤال واحد: إذا كانت كلمته لا تتضمن موعد استشارات ملزمة فما الغاية منها؟
بالعودة إلى البرلمان، فما قام به الشعب تجاه النواب، خير دليل على أن غالبية الموجودين في قاعة الهيئة العامة لا يمثلون الناس بل قواهم السياسية الممسوكة من شخص واحد فقط. فما النفع من نائب لا يمثّل الأمّة؟ قد يزعم بعضهم أن من يمثّلهم ليسوا مع الثورة، لكن عليهم أن يتذكروا أنه لولا وجودهم على لائحة أحزاب السلطة لما وصلوا، وبالتالي هذه الثورة كسرت سيطرة الأحزاب على لبنان والرد يكون في مطلب واحد بعد تشكيل حكومة اختصاصيين جديدة هو انتخابات نيابية مبكرة، يختار فيها الشعب الممثلين الحقيقيين عنه، وفق قانون انتخابي جديد غير طائفي، وحينها فلتأخذ الديموقراطية حقها، وليكن أمام الشعب فرصة اختيار القانون أولاً والتصويت لنوابه ثانياً.
من تغيير المجلس النيابي يبدأ التغيير الحقيقي للطبقة السياسية، وانتخابات نقابة المحامين خير دليل… الفرصة الأخيرة للشعب لا يجب خسارتها…