اعتدنا على ادّعاء كل فريق سياسي في لبنان أنه منتصر حتى عندما تكون الأرقام واضحة لا لُبس فيها ولا إبهام، فكم بالحري في هذه المعمعة الانتخابية التي شكّلت علامة فارقة في تاريخ لبنان، لكثرة ما سُجِّل فيها من مفارقات بعضها يمكن تسجيله في باب المفاجأة المذهلة. وهذه ليست مدار حديثنا اليوم، خصوصاً أن المراقبين، والمواطنين العاديين أيضاً، لاحظوها مباشرة…
وعليه نتحدث، اليوم، عن بعض أبرز الفائزين الذين نقدّر أنهم، في الوقت ذاته، خاسرون.
لا شك في أن القوات اللبنانبة سجلت انتصاراً واضحاً يتمثل في رفع عدد أعضاء كتلتها النيابية عمّا كان عليه في المجلس النيابي الحالي الذي تنتهي ولايته عند منتصِف ليل 21/22 أيار الجاري، لتبدأ ولاية المجلس الجديد الذي سيكون فريداً بين المجالس التي عرفها لبنان منذ الانتداب الفرنسي حتى يومنا هذا. ولكن فقدان أحد مقعَدَي بشري (معقل الدكتور جعجع وعقيلته السيدة ستريدا طوق)، على يد أحد أبناء عمها، يُشكل خسارة مرّة.
وفوز التيار الوطني الحر بعدد كبير من النواب، في وقت كانت مؤسسات استطلاع الرأي لا تتوقع له الحصول إلّا على نصف هذا العدد، هو ربح ملحوظ… ولكن خسارة دائرة جزين كلّياً بالمارونيَّين والكاثوليكي، تُشكل خسارة مُرة للنائب جبران باسيل، وهو اعترف أمس بالأخطاء التي أدت إلى هذه الخسارة.
أما التقدمي الاشتراكي فسجل نجاحاً واضحاً في الحفاظ على أكثرية نواب الطيف الدرزي في الكَنَف الجنبلاطي… أما الخسارة فليست في فوز نائبين في الشوف- عاليه وحاصبيا- مرجعيون غير محسوبّين عليه، بل لأنهما فاتحة بارزة للتغيير في منطقة نفوذه. وقد لا نذهب بعيداً إذا زعمنا أن المختارة كانت تفضّل فوز الأمير طلال ارسلان.
وأما الرئيس سعد الحريري فهو ربح الابتعاد عن الأجواء الموبؤة التي رافقت الانتخابات، كما فاز في إزاحة الستار عن حقيقة كثيرين كانوا يبدون «من عظام الرقبة»… ولكنه خسر حضوراً فاعلاً من داخل الندوة البرلمانية، على رأس كتلة وازنة، في الاستحقاقات الكبيرة الآتية.