حملت الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيار الأمل لأغلبية الشعب اللبناني بالتغيير والبدء بمرحلة الإنقاذ الفعلي بعدما أوصلته الأكثرية السابقة إلى «جهنم».
غداً يوم مفصليّ، فهذا اليوم يُمثّل الإختبار الأول للأكثرية الجديدة المؤلّفة من أحزاب وقوى سياديّة وثورية، فعندما نزل المغتربون قبل القاطنين في الداخل إلى صناديق الإقتراع راهنوا على قوى وشخصيات ظنّوا انهم سيحملون حلم بناء الدولة وقلب المشهد السياسي رأساً على عقب، لكن الضخ السياسي والدعائي لرموز السلطة وعلى رأسهم «التيار الوطني الحرّ» و»حزب الله» وحركة «أمل» يوحي وكأنهم ما زالوا يمسكون بالاغلبية البرلمانية ولم تبدّل نتائج صناديق الإقتراع أي شيء من الواقع.
وعلى سبيل المثال، لا يزال رئيس لجنة التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا يدير اللعبة الإنتخابية في البرلمان ويتوسّط مع هذا وذاك، والرئيس نبيه برّي عائد إلى عرش رئاسة المجلس، في حين أن رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل يُرشح النائب الياس بو صعب لنيابة رئاسة المجلس ويطالب بوزارتي «الطاقة» و»الخارجية» من حصته.
وفي السياق، فان الجميع على دراية بأن بري عائد لأن المعارضة لم تخرق بأي نائب شيعي، كذلك فان الحزب «التقدمي الإشتراكي» سيصوّت له، لكن أين الأغلبية الجديدة من ترشّح بو صعب واحتمال وصوله إلى نيابة الرئاسة وإهداء إنتصار مجاني لباسيل؟
وإذا كانت المعارضة لا تملك نائباً شيعياً لترشحه لرئاسة المجلس إلا أن لديها الأغلبية الساحقة من النواب الأرثوذكس وهي تملك عشرة نواب من أصل 14 يتوزعون كالآتي: 4 قوات لبنانية هم: غسان حاصباني، فادي كرم، الياس إسطفان ونزيه متى، ونائب مع تكتل اللواء اشرف ريفي هو جميل عبود، و5 نواب مستقلين هم: أديب عبد المسيح، غسان سكاف، ملحم خلف، الياس جرادي وسجيع عطية.
وإذا كان النائب ميشال المر لم يحسم خياره بعد، إلا ان «التيار الوطني الحر» وكل القوى الموالية لهذا المحور لا تملك سوى 3 نواب هم: الياس بو صعب وجورج عطالله واسعد ضرغام، وبالتالي فان حجّة رئاسة المجلس لا تنطبق على نيابة الرئاسة.
ويحاول فريق «التيار الوطني الحر» أن يوحي انه بمجرّد حصول إتفاق مع الثنائي «امل»- «الحزب» على نيابة رئاسة المجلس فهذا يعني ان الموضوع قد حُسم، وبالتالي تكون الاكثرية السيادية والثورية فشلت في توحيد صفوفها على هذا الملف ويكون تم توجيه صفعة قوية للناخبين المغتربين قبل المقيمين، بانه يصعب عليها التوحّد على رغم الثقة العالية التي منحها إياها الناخب، وبالتالي سيبقى محور «الممانعة» مسيطراً على كل الإستحقاقات من المجلس إلى الحكومة إلى رئاسة الجمهورية. وقبل ساعات من إنتخابات هيئة مكتب المجلس، تشير مصادر «القوات» لـ»نداء الوطن» والتي تملك أكبر كتلة مسيحية، إلى أن الإتصالات لا تزال تجري مع القوى السيادية والثورية لأن هناك فرقاً جوهرياً بين تركيبة الأكثرية الجديدة وبين حلفاء «حزب الله» الذين لديهم «مايسترو» واحد، ويجب ان تصل القوى الجديدة إلى إتفاق قبل جلسة الثلاثاء، وتؤكّد ان «القوات» تفعل كل ما بوسعها لتوحيد الجهود إذ لا يهمّ الإسم بقدر الهدف. أما بالنسبة إلى الحزب «التقدمي الإشتراكي»، فهناك تشديد من بعض نوابه على أن موقفه من رئاسة مجلس النواب لا يسري على نيابة الرئاسة، ففي هذا الملّف الحزب على تنسيق كامل مع «القوات» والساعات المقبلة ستحسم المواقف.
وتستمرّ المشاورات بين القوى التغييرية والثورية من أجل عدم تضييع إنتصار 15 أيار، وهنا لا تكمن القصة في أهمية مركز نيابة رئاسة المجلس بل في الرسالة التي سترسلها الأغلبية الجديدة سواء استطاعت إرسال رسالة للرئيس برّي موقّعة بالورقة البيضاء، أو إتفقت على اسم واحد لنيابة الرئاسة ليكون مدخلاً لتوحّد الأكثرية الجديدة على الملفات الداهمة، وعدم السماح لمحور «الممانعة» بسرقة إنتصار الشعب اللبناني، لذلك فان الشعب ينظر إلى نتائج أول جلسة للبرلمان، فإما تُكرم الأكثرية الجديدة أو تُهان.