قدم المحامي فايز إيعالي، نيابة عن عدد من أعضاء المجلس الشرعي الأعلى المستقيل (الموالي للمفتي السابق محمد رشيد قباني)، طعناً مزدوجاً أمام مجلس شورى الدولة: من جهة بإسقاط أسماء أعضاء المجلس من لوائح الشطب التي أصدرتها المديرية العامة للأوقاف، الخاصة بانتخابات المجلس الشرعي والمجالس الإدارية، المرتقبة في 10 أيار المقبل. ومن جهة ثانية بإلغاء المجلس الشرعي المنتهية ولايته قرار قباني بتكليف مفتي مناطق وإنشاء دوائر وقفية في طرابلس وعكار وبيروت.
الطعن قدم قبيل إقفال باب الترشيحات الجمعة الفائت، وشكّل موقفاً حاسماً من الفريق المعارض ضد الانتخابات. وكانت محاولات أجراها القنصل المصري شريف البحراوي والمفتي عبد اللطيف دريان وآخرون، مع عدد من أعضاء مجلس قباني، ولا سيما نائب رئيسه ماهر صقال، لإقناعه بالترشح. لكن الأخير حسم موقفه بالرفض لأن المشاركة «تعطي شرعية للانتخابات وللمجلس المنتهية ولايته وكل ما يصدر عنه من قرارات باطلة» كما قال لـ»الأخبار». إلا أن المقاطعة لا تشمل فريق الوزير السابق عبد الرحيم مراد ورئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا اللذين يدعمان عدداً من المرشحين.
المقاطعة لا تشمل
مراد وشاتيلا اللذين يدعمان بعض المرشحين
وبالنظر إلى لوائح المرشحين، بدا لافتاً تكتل القضاة والمشايخ الذين تم انتقاء معظمهم بعناية وفق معيار قربهم العائلي أو السياسي من تيار المستقبل وآل الحريري، في مقابل تركيز على فئة الشباب بين المهندسين والمحامين المرشحين. لكن الأكثر اهتماماً، النصائح الانتخابية التي أسداها المفتي دريان لبعض المرشحين، ومنهم القاضي الشيخ محمد عساف وعمه علي عساف رئيس الهيئة الإدارية للمركز الإسلامي (محسوب على الرئيس نجيب ميقاتي) بتوزيع ترشيحيهما، الأول في المجلس الشرعي والثاني في الدوائر الوقفية. وهذا ما كان. كما نصح صديقه المحامي عمر اسكندراني بالترشح في أوقاف بيروت.
ولكن غاب عن ذهن المستقبل الذي يحكم قبضته على دار الفتوى، بعض التفاصيل المتعلقة بالأطراف. ففي اختيار مرشحيه، لم يتنبه إلى توزيع المجلس الإداري على اختصاصات محددة: مشايخ ومحامين وملاكين… ما أدى إلى فوز أشخاص غير محسوبين على التيار بالتزكية في الفئات الشاغرة. في دائرة حاصبيا، على سبيل المثال، فاز بالتزكية مرشح هيئة أبناء العرقوب المحسوب على شاتيلا عن فئة خبراء المحاسبة.
لكن مصادر مواكبة، لفتت إلى أن السماح بفوز غير المستقبليين كان متعمداً من قبل دريان الذي يحاول رد الجميل للقوى السنية التي دعمت ترشيحه وزكّته لدى الوسيط المصري. ونقلت المصادر عنه «حذره من أن يلقى مصير سلفه قباني الذي ارتمى كلياً في حضن المستقبل وقطع التواصل مع الأطراف الأخرى، حتى انقلب عليه المستقبل ودفع الثمن غالياً».
وكان المجلس الشرعي المنتهية ولايته قد اجتمع السبت الماضي برئاسة دريان (الذي كان قد تعهد بتعليق اجتماعاته في انتظار الانتخابات «لإشاعة أجواء التوافق وتجنباً للاستفزاز»). لكن البيان الصادر عنه، قد يفسر ضرورة عقد الاجتماع. إذ نوّه المجلس بـ»القرار التاريخي الذي اتخذته السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز بالتعاون مع أشقائه العرب بإطلاق عاصفة الحزم، للحفاظ على وحدة اليمن وعروبته وشرعية الحكومة المنبثقة من إرادة الشعب اليمني الرافض لسيطرة الميليشيات العسكرية المدعومة إقليمياً لتغيير هوية اليمن العربية…». صقال انتقد «الموقف المنحاز للمجلس ومباركته لسفك الدماء»، مذكراً بالمبادرة المصرية التي نصت في بنودها على منع المجلس من إطلاق موقف سياسي تجاه أي قضية، إذ إن صلاحياته تقتصر على مؤازرة مفتي الجمهورية في شؤون الدار الداخلية.