يبدو أن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، دفن صيغة التوافق التي جاء إلى منصبه على أساسها، بعدما رضخ لضغوط تيار المستقبل لعدم حضور افتتاح مسجد لا يخضع المصلون فيه، سياسياً، لوصاية التيار الأزرق؟
فقد غاب دريان، أمس، عن افتتاح «مسجد المصطفى» في بلدة بخعون ــــ الضنية، الذي شيّده أبناء الحاج مصطفى الصمد، بعدما كان قد وعد برعاية الافتتاح والحضور شخصياً، إثر تلقيه تأكيدات بأن المناسبة دينية وخيرية، لا طابع سياسياً لها.
وبعدما رعى المفتي افتتاح «مسجد الخير» في المنية، الأسبوع الماضي، اعتذر مكتبه من منظّمي احتفال أمس عن عدم الحضور لـ»أمر طارئ». ورغم أن المنظمين أبلغوه استعدادهم لإرجاء الافتتاح إلى موعد يحدّده، حرصاً منهم على أن يكون الحفل برعايته، إلا أنه تمسّك باعتذاره.
مصادر مطلعة أكّدت لـ»الأخبار» أن نواب القضاء الثلاثة، أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز وكاظم الخير، «تمنوا على الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الضغط على دريان لعدم الحضور لاعتبارات عدة». ولفتت إلى أن المفتي «يوم كان في المنية، لم يتكبّد عناء السؤال عن القسم الآخر من أبناء طائفته الذين غابوا عن افتتاح جامع الخير، ولم يتوقف عند غياب الرئيس نجيب ميقاتي الذي تبرّع بأكثر من 400 ألف دولار لبناء المسجد، فيما ذهبت رعاية الافتتاح إلى الرئيس سعد الحريري الذي لم يتبرّع بقرش واحد»! واستغربت المصادر عدم توقّف دريان عند انتهاك اللياقات والبروتوكول «عندما حضر الاحتفال الذي قُدِّم فيه أحمد الحريري عليه، مع أن الأصول تقضي أن يتقدّم مفتي الجمهورية جميع أبناء الطائفة، باستثناء رئيس الحكومة العامل».
غياب دريان دفع النائب السابق جهاد الصمد، إلى إلقاء كلمة بعد افتتاح حاشد للمسجد، أسف فيها لغياب المفتي الذي «يبدو أنه لم يستحصل على إذن حضور من قبل مرجعيته السياسية». وقال: «كنا نظن أن مفتي المسلمين لا يستأذن إلا ربه ورسوله، وكنا نؤمن ـ وما زلنا ـ بأن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، في حين أن لسماحته رأياً آخر. وكنا نعتقد أن الدين كله خلق، فمن فاقك في الخلق فاقك في الدين، وإن خانتك قيم الدين فحاول ألّا تخونك قيم الرجولة. ولكنّ لسماحته مفهوماً آخر». وتوجه إلى المفتي قائلاً: «يا صاحب السماحة نحن ننتمي إلى قوم إن عاهدوا التزموا، وكل ما يمكننا قوله لك: بئس العالم على باب الحاكم، ونعم الحاكم على باب العالم».