Site icon IMLebanon

إستحقاق الألقاب

 

الى السيدين ميشال عون وسعد الحريري:

 

هكذا “حاف” ومن غير تفخيم ولازمة “مع حفظ الألقاب” التي لا لزوم لها. أولاً: لأنكما حالياً مواطنان تتنكران لواجبكما الدستوري في تشكيل حكومة إنقاذ، ولأنكما، مهما علا مركزكما، غير معصومين عن الانتقاد. أما ثانياً: فسيأتيكما في نهاية المقال.

 

صدف أن شاهدتُ امس عدة حالات، وسمعتُ عن أوضاع بعض الناس، وتكرّرت أمامي وأمام كثيرين أخبار المعاناة، من ذل صفوف البنزين الى التقنين الكهربائي وفقدان أدوية الصيدليات وكل صنوف القهر التي ترافق الانهيار الذي تتحملان منذ سنوات جزءاً من أسبابه، هذا إذا التزمنا جانب التحفظ الشديد وأحجمنا عن الجهر بحقائق تدعمها التواريخ والأرقام.

 

سأروي لكما ثلاثة أحداث ربما سمعتما بمثلها أو ما يقاربها بالتأكيد، لكنكما أدرتما “الأذن الطرشاء” معتبرَين بأن نزاعكما الرئاسي والطائفي والحزبي والشخصي أرفع من أن تؤثر فيه الأوجاع، وأنكما “تلعبان على الكبير” ولا دخل لكما بـ”صغائر” الأحداث. ولا يعتبرنَّ القارئ غير مجدِِ سرد الواقعات لورودها يومياً في تقارير التلفزيونات أو الصحف ومواقع الأخبار، فما اصراري إلا لأبلغكما وأُبلغ كل المنظومة السياسية عبركما بأننا لن نألف مشاهد القهر ولن تتحول مآسي شعبنا الى عاديات، بل ستبقى سكيناً يحفر في ضميرنا ويقرِّع ضمير كل من يشارككما الامتناع عن المسارعة الى نجدة “مصاب في خطر” اسمه لبنان.

 

1 – رأيت في أحد شوارع بيروت بأم العين مواطناً، مثلي ومثلكما، يبحث في حاوية قمامة. قلت لعلَّه يعاني من اختلال. سألته، فإذ به يعرفكما ويدرك أن سبب فقره المدقع السياسيون والسياسات.

 

2 – أبلغني طبيب قريب في معرض تبادل الحديث عن تطورات التشكيلة “الذهبية” وشحوب الأمين العام لـ”حزب الله” وتأثير خطابه كونه لاعب “خط الوسط” وموزع الكرات، بأن مريضة بالقلب سألته الاستغناء عن الفحوصات فيما هو لم يطلب سوى الحد الأدنى لاستكمال التشخيص وتحديد الدواء.

 

3 – علمتُ أن عسكريين من المناطق يفضلون الغاء مأذونياتهم والبقاء في الثكنات لتوفير اجرة الطريق وصرف ما تيسَّر على حليب الأطفال.

 

هذه حصيلة أمس. ولدى كل لبناني فيض من الروايات الشخصية او المشاهدات، وفي قلب كل مواطن غصة إما بسبب ضياع الودائع وتدهور مستوى العيش، أو بفعل الوجع مما آلت إليه أحوال لبنان على يد كل “المنظومة” بلا استثناء، وأنتما، بلا شك، معنيان.

 

أمثلة ثلاثة يفترض ان تستنتجا من خلالها لماذا تتم مخاطبتكما بلا ألقاب. ذلك ان الألقاب واجبة الاستحقاق حتى ولو تم اكتسابها بفضل اللعبة السياسية او الوراثة أو غيرها من الأساليب التي تعرفانها عن ظهر قلب.

 

اللقب يشبه “الحزام” الذي يحوزه أبطال الرياضة بعد استحقاق انتصار. تخسره اذا لم تدافع عنه بشجاعة ومسؤولية، ولن تستعيده الا اذا عاودت النجاح…”.