تهرول الإدارة الاميركية لتوقيع الإتفاق النووي مع ايران. دعونا من التهافت الذي يظهره أوباما منذ لاحق حسن روحاني هاتفياً عندما كان في الامم المتحدة، وتعالوا لنتفحص الخلفيات في تصريحات المسؤولين الأميركيين، التي وصفها محمد جواد ظريف بأنها “مجرد اعلانات” وقد أصاب.
بعد انتهاء محادثاته مع ظريف في مونترو لم يتردد جون كيري في القول للصحافيين “إن الإتفاق النهائي على البرنامج النووي الإيراني يجب ان يحظى بموافقة المجتمع الدولي”.
موافقة المجتمع الدولي؟
ولكن كيف ومتى، هل الموافقة قبل توقيع الإتفاق أم بعد التوقيع، ولأن الموافقة تتطلب وجود اتفاق ناجزٍ يقرأه المجتمع الدولي، فهذا يعني ان عليه ان يوافق ويصفّق ايضاً لإتفاق وقّع، ولكن كيري يبدو كمن يستغبي العالم بقوله “الهدف ليس التوصّل الى إتفاق بل التوصل الى الإتفاق الصحيح الذي يمكن ان ينجح امام تدقيق المجتمع الدولي”.
حديث خرافة طبعاً، ذلك ان هناك رغبة جامحة لدى ادارة أوباما والايرانيين طبعاً في توقيع اتفاق قبل نهاية آذار الجاري، ولعل من المفيد هنا فحص خلفيات كلام سوزان رايس امام مؤتمر “إيباك” وقد تحدثت مباشرة بعد بنيامين نتنياهو فقالت: “ليس هناك أي اتفاق بديل من الإتفاق الذي نتطلّع اليه… البعض يقول إن كل ما علينا فعله هو ان نفرض عقوبات فقط لا غير، ولكن تذكّروا ان العقوبات لم تمنع ايران ويا للأسف من مواصلة برنامجها النووي!”.
غريب ألا يبدو هذا الكلام تكذيباً صريحاً لكل ما قاله اوباما عن ان العقوبات هي التي سهّلت إقتراب ايران من قبول الإتفاق، ثم انه اذا كانت العقوبات لم تمنع الإيرانيين من مواصلة برنامجهم النووي فهل سيمتنعون عن مواصلته بعد الإتفاق؟
لم يكن ينقص وزير الخارجية الايراني سوى ان يستبدل إبتسامته الدائمة ليقهقه بالضحك وهو يرد على تصريح اوباما، الذي إشترط على الايرانيين وقف برنامجهم النووي مدة عشر سنين أو أكثر، وحتى إعادة عناصر منه الى الوراء كشرط للتوصل الى إتفاق، وانه … “ليس هناك من خطوات اكثر نستطيع القيام بها لضمان ألاّ تنتج ايران اسلحة نووية!”.
مفهوم، ليس هناك أدنى شكٍ في ان أوباما يهرول لاهثاً وراء إتفاق يستعمله رافعة لإنتشال فشل سياسته الخارجية، ثم انه بات الآن مستميتاً للتوقيع، على الأقل حرصاً على ان لا يذكر التاريخ ان نتنياهو حاصره في عقر داره ومنعه من توقيع الإتفاق… أما حكاية موافقة المجتمع الدولي فتبدو مجرد تفاهة على الأقل قياساً بمعارضة الكونغرس وحلفاء أميركا الخليجيين الذين يحاول كيري إقناعهم بتجرّع الكأس النووية الإيرانية