Site icon IMLebanon

وحدة المسار والمصير

 

يوماً بعد يوم، يتلمس اللبنانيون فضائل خريطة طريق الحرير. وينكشف الحجاب عن الجهل الذي يغرقهم وهم يتظاهرون من دون ان يفكوا حروف أبجدية التحرك الشعبي وفق أصول هذه الخريطة. ولهم في اليمن مثال يحتذى. هناك حيث الحشود كبيرة جداً وهائلة، و »مئات الآلاف الحاضرين تحت الشمس في منتصف النهار لساعات يفترشون الأرض والتراب والطرقات».

 

وهنا، حيث الأصوات الهاتفة بـ»الثورة»، تسهِّل، من حيث تعلم او لا تعلم، للاميركيين انجاز مشروعهم للقضاء على الاقتصاد اللبناني ومن ثم مصادرة سيادته.

 

ربما من هذه الزاوية نفهم سبب تصنيف الحشود اللبنانية درجة ثانية قياساً الى تجمعات الجمهور الحوثي في اليمن، الذي يبعث على الابتهاج ويشكل النموذج الحائز على الرضا والأجْر الكبير، الأكبر بكثير من بدعة التظاهرات الـ»نيو لوك» التي تشجع على التفلت من درب الشهادة والنضال، وتطالب بتفاصيل تافهة كالماء والكهرباء ومعالجة النفايات ومجانية التعليم والطبابة والارتزاق في الوطن وليس الهجرة بحثاً عن الأمان والأمن الاقتصادي.

 

أكثر من ذلك، لم يتورع المتظاهرون عن تنظيم ندوات فكرية ونقاشات بعيدة عن الطوائف والمذاهب والمؤامرات. اسقطوا هتاف «لبيك» لصالح هتاف «ثورة»، في حين ان الهتاف الأول مبارك والثاني ملعون، ويجب ان يوضع له حدٌ لتجاوزه الخطوط الحمر المفروض الالتزام بها من بيروت إلى دمشق إلى صنعاء إلى بغداد.

 

ففي حين كانت وحدة المسار والمصير تقتصر على معادلة خاصة بين لبنان وشقيقته، تمَّ وبحمد الله توسيع رقعة العمل مع تغيير وظيفي شمل كل من تم تعيينهم او الإبقاء على وجودهم ليسيروا على الزيح ولا يزيحوا.

 

اللهم لا شماتة. لكن من كان يتحكم بنا اصبح مثلنا.

 

لحظة: هذا لا يعني اننا أصبحنا في حال أفضل. لكن من كان يخضعنا إلى معادلة وحدة المسار والمصير، صار يخضع لها. اي كما عندنا كما عنده. فما يحصل هذه الأيام لدينا ولدى الشقيقة يشير إلى شمولية الخضوع لهذه المعادلة، ليس على مستوى العامة، ولكن في رأس الهرم تحديداً.

 

ففي الماضي كانت هذه الوحدة مفروضة علينا كما القدر الغاشم. واليوم، تغير التاريخ وتغيرت معه نقاط الارتكاز. وما كان يطبق مع غالب ومغلوب من دون تكافؤ في ميزان القوى، حين كان القرار في عنجر، ولَّى زمانه. ومن محاسن الصدف ان ما عندنا اصبح كما عندهم. كلهم يهتفون «لبيك» لرأس المحور الذي يرسم للشعوب الواقعة على طريق الحرير خريطة طريقها مع حلم بالجنة وليس بالتفاصيل الحياتية التافهة او بسيادة العدالة والقضاء المستقل او بالتمرد للتخلص من فساد الحكام.

 

لم يعد من داعٍ للتظاهر او حتى للقلق او انتظار تشكيل الحكومة. فرأس المحور يتولى الأمور ويضخ جرعات السيادة والانعاش الاقتصادي في شرايين الدول التي يصوب قراراتها نحو وحدة المسار والمصير. وعلى اللبنانيين الا يخرجوا عن المسار ولا يفكروا بتحدي مصيرهم المكتوب سلفاً. وإلا.. يا ويلهم ويا سواد ليلهم!.