Site icon IMLebanon

تفاصيل المصالحة بين حزب الله والاشتراكي برعاية امل

 

 

بعدما توسّع الخلاف بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله وطال خطوطا حمراء كهوية مزارع شبعا، حاول البعض إدخال حركة امل ورئيسها نبيه بري في «معمعة» الخلاف، وقد ذكرنا سابقا أن هذه المحاولات كان نصيبها الفشل لان بري الحريص دائما على لعب دور «المصلح» يعلم كيف «تُدار» الأمور.

 

لم تخرج ردود المسؤولين في حزب الله على كلام رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط عن المألوف، وقيل أن الجميع بانتظار الرد الصاعق من امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ولكن الرد اقتصر على اعتبار الكلام وكأنه لم يكن، الامر الذي أوحى بوجود محاولات لتصحيح الأوضاع، وهكذا كان، في عين التينة.

 

لم يخف بري استياءه من كلام جنبلاط، لا بل أكثر من ذلك هو أوصل بحسب مصادر قيادية في حركة امل هذا السخط الى المختارة عبر قنوات خاصة، مشيرة الى أن بري أبلغ رئيس مكتب حركة أمل السياسي الحاج جميل حايك، بضرورة التحرك فور انخفاض منسوب التوتر. تحرك حايك، وهو الذي أصبح خبيرا في تقريب المسافات وعقد المصالحات، ولا شك بحسب المصادر أن مهمته لم تكن صعبة، فمن تمكّن من جمع حركة حماس وحركة فتح في لبنان، وجعلهما يوقعان اتفاقا برعاية بري، لن يصعب عليه جمع «الحليفين» حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي.

 

تكشف المصادر أن لقاء المصالحة في عين التينة جاء تتويجا لعمل سابق، واتصالات بدأها حايك بالتواصل مع المسؤولين الاشتراكيين، وبالاخص الوزير السابق غازي العريضي، المعروف بتقديره الكبير جدا لرئيس المجلس، بداية الاسبوع الماضي، ونهايته كانت ليل الأحد حيث قام وفد اشتراكي بزيارة المكتب السياسي للحركة في بئر حسن، وتم وضع اللمسات الأخيرة على لقاء عين التينة، الذي حضره عن حزب الله رئيس وحدة التنسيق والإرتباط في الحزب وفيق صفا ومعاون الأمين العام للحزب حسن الخليل، وعن «الحزب التقدمي الإشتراكي» الوزير وائل أبو فاعور وغازي العريضي بحضور وزير المال علي حسن خليل.

 

انطلق حايك بحسب المصادر من مقولة شهيرة لبري مفادها «أن جنبلاط قد تتعطل بوصلته احيانا ولكنه لا يضيع الوجهة»، مشيرة الى أن حركة أمل أكثر من يفهم رئيس الحزب التقدمي، وهي تدخلت لانها لن تقف متفرجة في مثل هذه الظروف التي تتطلب الوحدة، واليقظة لمواجهة ما يُحاك لهذه المنطقة من بوابة فلسطين وصفقة القرن، فرئيس المكتب السياسي لم يطرق أبواب المتخاصمين بملفات داخلية عادية، بل طرقها من بوابة الملفات الاستراتيجية التي تنتظر لبنان، والتي تحتاج الى التعاضد.

 

اما بالنسبة لما حصل في لقاء عين التينة، فتكشف المصادر أن «بري استعرض أهمية وحدة الصف اللبناني، مذكرا بالسنوات الماضية التي رغم الخلافات الكبيرة الموجودة بين حركة أمل وحزب الله من جهة، والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، الا أن العلاقات ظلّت قائمة على أساس وحدة واستقرار ومصلحة لبنان، وبالتالي فإن الخلاف الاخير جاء مخالفا لسياق الماضي، وعلينا تجاوزه مع التأكيد على أن هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحددها الدولة اللبنانية لا الحزب التقدمي الاشتراكي ولا حزب الله، وبالتالي فإن الهوية اللبنانية لهذه المنطقة غير خاضعة لخلافات سياسية داخلية، خصوصا عندما يُفتح الملف بلحظة اقليمية حرجة».

 

وتشير المصادر الى أن لقاء المصالحة، لم يشهد اتفاقا بين حزب الله والتقدمي الاشتراكي على كل الأمور الخلافية، اذ ليس المطلوب طرح كل النقاط وحلها أو الاتفاق عليها، إنما تم الاتفاق على العودة الى مرحلة التهدئة التي كانت سائدة ما قبل الخلاف على ملف عين دارة، حيث اتفق على بقاء كل فريق على موقفه إنما فتح باب الحوار لاجل الوصول الى نتائج، ومزارع شبعا، أي عودة العلاقات والاتصالات والتنسيق الضروري الذي كان قائما، وتنظيم المواضيع الخلافية خصوصا المتعلقة بالعلاقات مع سوريا، ومنعها من التأثير على الوضع الداخلي، كما تم الاتفاق على عقد لقاءات بين الطرفين بعيدا عن الاعلام لاستكمال الحوار كلما دعت الحاجة، كاشفة ان «لا شيء يمنع اللقاء بين السيد نصر الله وجنبلاط، ولكن ليس في المرحلة الراهنة حيث المطلوب التواصل أكثر والوصول الى نقاط مشتركة قبل اللقاء على هذا المستوى».

 

تشدد المصادر القيادية في حركة امل على انها ليست المرة الاولى التي يشكل فيها بري صمّام امان للوحدة الداخلية، ولن تكون الاخيرة، فرئيس المجلس الذي جمع تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة في عزّ الخلاف السني الشيعي في المنطقة، وجمع حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بعد أن كادت الفتنة الشيعية الدرزية تكبر، سيستمر بلعب هذا الدور كلما كانت الظروف تحتاجه، فلا شيء اهم بالنسبة لبري من الوحدة الداخلية، عملا بقول الإمام موسى الصدر «أن الوحدة الداخلية أفضل وجوه الحرب مع اسرائيل».