درج الرئيس المكلف سعد الحريري، منذ بدأ المشاورات لتشكيل الحكومة، على الظهور بمظهر المتفائل لقرب التوصل الى تشكيلة وزارية ترضي جميع الاطراف، وعندما بدأت العقبات من هنا وهناك، تعرقل التشكيل، كان يعالجها اما بالسفر او بالصمت واحياناً بجرعات خفيفة من التفاؤل «لترقيد» المواطن اللبناني الذي بدأ يكفر بالدولة وبالمسؤولين وبالذين يضعون عصياً في دواليب تشكيل الحكومة، فلجأ الحريري عندها الى التزام الصمت المطبق كوسيلة تعبير عن غضب او حرد، او فترة تأمل لاخذ الموقف النهائي المناسب.
بعد «القمة» العربية الاقتصادية الهشة، رأى الحريري ان الوقت قد حان لتشغيل محركاته، خصوصاً بعد تصنيف وكالة «موديز» الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، وبدأ سلسلة لقاءات تشاور، اعلن بعد لقائه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، ان الامور عنده وصلت الى مرحلة الحسم، ولذلك سوف يحسم موقفه سلباً او ايجاباً، الاسبوع المقبل، دون ان يوضح نوعية هذا الحسم، وهل يمكن ان يصل الى خطوة الاعتذار؟
المتابعون لعملية التشكيل، يؤكدون ان نشاط الحريري الحالي محصور في تفكيك عقدة الحقائب، واعادة توزيع بعضها بين حركة امل والحزب الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، والبعض لا يستبعد ان يتم طرح الموضوع في اللقاء المرتقب بينه وبين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في عملية جس نبض جديدة حول الاسماء والحقائب، ومدى تساهل القوات اللبنانية في هذا الامر.
لاول مرة، هناك على ما يبدو تفاهم بين الجميع على «قضاء حوائجهم بالكتمان»، لعدم دخول المعرقلين على خط العرقلة.
ولذلك لم يظهر حتى الان على السطح، اي موقف رفض، لان ارانب الحل على ما يبدو موزعة بين اكمام رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، على امل ان يتصاعد الدخان الابيض الاسبوع المقبل من مدخنة بيت الوسط، او يبقى الدخان الاسود، سيد الموقف.
***
في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ لبنان، تهب على بلد الارز، رياح ساخنة من حدوده الجنوبية حيث تستمر اسرائيل في خرق القرار الدولي 1701، ان باستمرار العمل في جدارها على الارض المتنازع عليها، وان بطلعاتها الجوية فوق المدن والبلدات اللبنانية، وان بقصف مواقع عسكرية ايرانية في سوريا – وهذا هو الاخطر – من لبنان، او بتصريح الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين من باريس بان بلاده لا تفرق بين الدولة اللبنانية وحزب الله، لان الدولة اللبنانية عاجزة عن بسط سيطرتها على اراضيها، وتمنى على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نقل هذا التحذير الى المسؤولين اللبنانيين.
بعد اعلان الدعم المالي من قطر، واعلان وزير المال السعودي محمد الجدعان ان بلاده ستدعم لبنان على طول الطرىق، ارتاح اللبنانيون ولو جزئياً الى غدهم المالي، ولكن من يريحهم الى غدهم الامني بتصاعد التوتر بين اسرائيل وايران؟!