بقدر التفاؤل الذي اثاره القرار الدولي لانهاء الحرب في سوريا لكونه الاول من نوعه منذ نحو خمس سنوات، ارتسمت تساؤلات عن امكان تنفيذ هذه الخطة ، بما فيها وقف النار واطلاق محادثات بين النظام والمعارضة وصولاً الى التزام الجدول الزمني لتأليف حكومة واجراء انتخابات في غضون سنتين.
في المبدأ، يعتبر اي قرار دولي لانهاء مأساة سوريا والشعب السوري خطوة تاريخية، بعدما أسقطت روسيا والصين اربع محاولات لقرار مماثل عام 2011. في حينه كانت الاضرار لا تزال محصورة والخسائر على أنواعها محدودة. بيد أن الانقسامات بين القوى الكبرى التي أدت الى “اقفال” مجلس الامن لاحقا أمام أي قرار لسوريا، هي التي حوّلت هذا البلد ميدانا لحروب بالوكالة تحرّكها الجهات الاقليمية والدولية التي تنافست على تحويل شعبها أدوات لتعزيز نفوذها، واستعانت بمرتزقة العالم لتحقيق أهدافها.
من هذا المنطلق، أثار كسر هذا الاصطفاف الدولي كثيرا من التفاؤل بامكان التحرك نحو وضع حد لحرب مدمرة أوقعت أكثر من 200 الف قتيل، وتمهيد الطريق لمواجهة خطر آخر يتمثل في تنظيم “الدولة الاسلامية” الذي بات يهدد العالم أجمع.
الا أن “شياطين” هذا الاتفاق ليست كامنة في تفاصيله فحسب، وإنما ايضاً في خطوطه العريضة. فلا شيء محسوماً بعد في شأن ممثلي المعارضة في المفاوضات التي يفترض أن تنطلق مطلع هذه السنة.واللائحة التي كُلّف الاردن اعدادها بدت قبل اعلانها، صاعقا لتفجير خلافات جديدة بين الدول المؤيدة للنظام وتلك المؤيدة للمعارضة.
الى ذلك، لا يرتكز القرار على تقدم صلب أو هدف يمكن تحقيقه قريباً. فوقف النار الذي كان ليبعث أملاً كبيراً في نفوس السوريين والعالم بامكان انهاء هذا الكابوس، ليس شرطاً لبدء المفاوضات، ولا خطوط واضحة للتطبيق الذي يبدأ بموجب القرار “فور اتخاذ ممثلي الحكومة السورية والمعارضة الإجراءات الأولية على طريق الانتقال السياسي في رعاية الأمم المتحدة”.
أما عقدة الرئيس السوري بشار الاسد والتي تجاوزها الجانبان للتوصل الى القرار الدولي، فهي وحدها كفيلة بتقويض الامال المعلقة عليه. ولطالما شكّل مصير هذا الرجل عقدة اساسية أمام اي حل في سوريا. وإذا كانت موسكو وطهران تعتقدان أنهما نجحتا في اقناع الغرب بأن اخراج الاسد في هذا الوقت لن يؤدي الا الى تفاقم النزاع في ظل الخطر الذي يمثله “داعش” والتنظيمات المتطرفة الاخرى، فلا شك في ان أي مفاوض سوري لن يكون قادراً على تسويق فكرة ترشح الاسد الذي يحمّله سوريون كثر مسؤولية المذابح في بلادهم، لانتخابات يُفترض اجراؤها في غضون سنتين.