بعد أن خيضت الانتخابات البلدية في بشرّي بعنوان سياسي، تريد البلدية أن يتم تقييم عملها إنمائياً، لأن ما بعد الانتخابات ليس كما قبلها. يسرد رئيسها عددا من المشاريع التي يقوم بها مجلسه. لكن معارضيه يرون أن المدينة لم تشهد أي تغيير في السنة الاولى من عمر المجلس البلدي
ليس غريباً أن يُزج شهداء الحرب وشعارات مثل «الوفاء» و«الإنماء» في انتخابات بشرّي البلدية. مشهد أيار 2016، حين تنافست لائحة «الوفاء والإنماء» مع لائحة «بشري موطن قلبي»، المدعومة من قواتيين سابقين، شهدته المدينة الشمالية في الـ2004، مع ترشح لائحة «الوفاء لجعجع» ضد لائحة «الولاء لبشرّي».
كلّ شيء يُصبح مُباحاً في هذه «الحرب». وعكس الانتخابات النيابية، حيث لم تستطع أي قوّة معارضة من منافسة القوات اللبنانية في عقر دارها، يبدو المدى أمام هؤلاء المعارضين واسع أكثر في البلدية. لذلك، حاولت قيادة القوات اللبنانية التقليل من قيمة الـ38.9% التي حصلت عليها اللائحة المعارِضة، على اعتبار أنه ليس بالأمر الجديد بلديا. مع العلم أنّ هذه النسبة ستُستخدم للبناء عليها مُستقبلاً. رغم كل الشحن السياسي، تأخذ «البلدية ثاني يوم الانتخابات مسلكا بلديا عاديا»، على حدّ تعبير عضو بلدية سابق.
على صفحتها الرسمية على «فايسبوك»، تحاول بلدية بشرّي التسويق للأمور التي تُنفذها: «أعمال تلبيس وتجميل الحائط عند مفرق الضهرة ــ شارع الشيخ سعيد طوق٬ لقاء للطلاب في القصر البلدي للبحث بمستقبلهم الجامعي، اطلاق حملة إزالة كلّ الألواح الخشبية والحديد وتنظيف الحيطان، إقامة معرض للزهور، إطلاق برنامج السياحة الشتوية…».
لا يُثلج ذلك قلوب المعارضين للقوات في المدينة، «لم يُحققوا شيئا. أين هي المشاريع الخاصة ببشري؟ أين هو مشروع حلّ أزمة التفاح؟». يتطرفون أكثر في الحديث عبر المقارنة بين الماضي (البلدية برئاسة أنطوان طوق) والحاضر، «كان يدير البلدية رئيسان، الآن تُدار فقط من معراب»، قاصدين النائبة ستريدا طوق جعجع، ومن دون أن يُقدموا مثلاً عن كيفية تدخلها. ولكنهم يذكرون بشكل عام «عرقلة بعض المعاملات». رأيٌ آخر معارض للقوات اللبنانية (بعد أن كان يُمثلّها) يقول إن «البلدية ماشي حالها وهناك مساعٍ لإنجاح العمل الإنمائي فيها، مثل تراخيص البناء وإصلاح الواجهات والطرقات».
رئيس لائحة «بشري موطن قلبي»، المجموعة التي ما زالت تعقد لقاءاتها أسبوعياً، جو خليفة، يقول إنه «من المُمكن أن تكون البلدية تُحاول القيام بأمر ما، ولكن لم يظهر بعد». وهو يؤكد أنّ «ستريدا (جعجع) تُعرقل كلّ ما له علاقة بنا». المجموعة المعارضة «حضرّت عددا من المشاريع، وكنا قد طلبنا عقد مصالحة في بشرّي وربطناها بالبدء بممارسة عملنا كبلدية ظل، ولكن لم يُستجب لطلبنا».
أمام ما تقدّم، ينفي رئيس بلدية بشرّي فريدي كيروز «أن تكون ستريدا في هذه السنة قد اتصلت مرّة لطلب شيء. أنا اتصل بها وبالنائب إيلي كيروز لدعمنا في بعض المشاريع مع المنظمات غير الحكومية أو السفارات المعنية». علماً أنّ جعجع «نائبة بشري ويحق لها التدخل، ولكنها لم تفعل ذلك». ويؤكد أنه «لكل معركة ظروفها، ولكن بعد الانتخابات بدأنا صفحة جديدة ونحن على تواصل مع الجميع. السؤال يجب أن يكون عن أداء البلدية في الإنماء وليس في السياسة». والمثال على ذلك، «حلّ مسألة العقارات المخالفة، واصدار ٦٠ رخصة بناء، منها ١٠٪ فقط للفريق الداعم لنا». ولكن هناك «الحقد الأعمى فلا يعود الشخص يرى سوى الأمور السيئة». ويسأل كيروز، «هل بدعم سعر بطاقة التزلج لكل أبناء بشري نكون نُميز بينهم؟».
كلّ ثلاثة أشهر «نقرأ برنامجنا الانتخابي لنرى أين أصبحنا»، يقول كيروز. وبالنسبة إلى حلّ أزمة التفاح «لا يتم بكبسة زرّ. أنجزنا دراسة امتدت على ٨ أشهر، ونحن في صدد إنشاء شركة بتمويل من الـUSaid لمساعدة المزارعين وبيع التفاح بسعر أعلى. يترافق ذلك مع حملة توعية للمزارع». العنصر الثاني الأساسي في بشرّي هو السياحة، «في نهاية حزيران نفتتح مركز استعلامات سياحي متطور، يسمح للزائر بمعرفة تفاصيل عن المنطقة وتحديد نقطة تواجده عبر تطبيق على هاتفه». أما بلدياً، «فأصبح لشرطة البلدية دور فعال أكثر». يضيف كيروز إنّ «الجميع يعتقدون أنّ البلدية هي مجلس وزراء. في حين أنّ الواقع أننا لا نملك المال الكافي ولا يوجد لامركزية إدارية، وأي قرار بحاجة إلى ٧ أو ٨ أشهر للبتّ به».
ما تقدّم لا يبدو كافياً بالنسبة إلى البشروايين، ولا سيّما المعارضين لخط البلدية، الذين يطالبونها بحركة إنمائية أكبر تمسّ بتفاصيل حياة الناس اليومية.