العالم كله يقول بحل الدولتين في فلسطين: الدولة العربية والدولة العبرية… الولايات المتحدة تقول به، وروسيا أيضاً، وكذلك أوروبا الغربية، حتى الدول العربية مع هكذا حلّ… والفلسطينيون أنفسهم، بقياداتهم المعلنة يقولون بهذا الحل.
إسرائيل وحدها ترفض حلّ الدولتين لأنّ أطماعها في فلسطين لم ترتوِ بعد، ولم تكتمل بعد، وهي التي وافقت مكرهة، على الحكم الفلسطيني الذاتي في بعض أنحاء الضفة الغربية (رام الله).
ويلتقي مع الموقف الاسرائيلي فريق من المزايدين العرب الذين لا يعنيهم سوى التصعيد والمزيد من المشاكل والاشكالات والأحداث والحروب لتبقى لهم “الأدوار”!
وهذا الموضوع كان مدار بحث مسهب بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس اللذين يلتقيان على مبدأ الحل بالدولتين وعلى معظم التفاصيل إن لم يكن عليها كلّها.
والواضح أنّ الزعيمين عاشا المعاناة الكبيرة، فالرئيس السيسي هو ابن المؤسّسة العسكرية الكبيرة التي واجهت جيش الحرب الاسرائيلي وحققت إنجازاً تاريخياً في اجتياح “خط بارليف” العصيّ على كل اجتياح… أضف الى أنّ الجيش المصري دفع أثماناً غالية من الشهداء الميامين (والمعدات كذلك) في الحروب مع إسرائيل، وأما ابو مازن فهو ابن فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية المستمرة في النضال منذ ستينات القرن الماضي.
لذلك لا يمكن لأحد أن يزايد على الرجلين اللذين يؤيّدان حل الدولتين خصوصاً وأنّ الحل الأسرع لمواجهة الارهاب في المنطقة (وامتداداته الى العالم) يكون عبر إيجاد حل عادل وشامل ودائم لقضية العرب الأولى، قضية فلسطين بتمكين الشعب الفلسطيني من قيامة دولته في وطنه فلسطين…
ثم انّ هذه الأمة شبعت حروباً، ولقد استنزفتها الحروب وامتصّت ثرواتها، وسالت أنهار من الدماء، ولا تزال تسيل، وهذا كله منشأه فلسطين المحتلة من قِبَل الصهيونية العالمية التي جاءت باليهود من مختلف أنحاء العالم وأقامتهم عنوة وبتواطؤ عالمي موصوف ومعروف، في أرض فلسطين وعلى حساب الشعب الفلسطيني.
فيكفي هذه الأمة وهذه المنطقة هذا الكم الكبير من الحروب المتناسلة… ولنرَ الى العراق وإلى سوريا وإلى اليمن، لنتبيّـن جسامة النزف وخطورته… النزف في البشر وفي الحجر وطبعاً في المال الذي يجب أن يُنفق على الناس بدلاً من أن يُهدر على السلاح… انفقوه على التنمية والعِلم والأمن الغذائي، والبنى التحتية ومحو الأمية!
فعلاً… لقد آن الأوان لوقف قطار الموت.
عوني الكعكي