يقال عن الحوار انه الخرطوشة الاخيرة التي يمكن ان تكبح جماح الحال المطلبية الاستفزازية السائدة منذ مدة طويلة، لاسيما ان الذين نزلوا الى الشارع ليسوا في وارد التراجع عن مطالبهم، خصوصا بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية بما في ذلك موضوع النفايات ومثلها موضوع الكهرباء اضف الي ذلك المطالب الحياتية والمعيشية الاخرى التي طال البحث فيها من دون نتيجة تذكر، الامر الذي يشجع على مزيد من التوتر في الشارع.
اما الذين استبعدوا حلا قريبا لمشكلة النفايات فانهم ما زالوا يتخبطون بازمة الدعوة الى البحث عن مطامر او محارق تلقى على عاتق البلديات من دون طائل، حيث المجالات اقل من المطلوب، بما في ذلك الاموال اللازمة لذلك، اضف الى ذلك ان رمي ملف النفايات في عهدة الوزير اكرم شهيب لا يشجع على انتظار حل الا من خلال اعادة العمل الى مطمر الناعمة اقله، بالنسبة الى العمل هناك لفترة زمنية تسمح بايجاد مطامر او محارق جديدة، من غير حاجة الى تعقيدات اخرى متزامنة مع البحث عن محارق في مكان اخر (…).
وفي مقابل هذه الازمة، لا بد من التركيز على امكان معالجة ازمة الانتخابات الرئاسية، حيث هناك من يعول اكثر من اللازم على مؤتمر الحوار الوطني الذي لا بد وان يصطدم بعقدة الثلثين زائدا واحدا، على رغم معرفة من في يده الحل والربط ان لا مجال لانتخاب رئيس في ظل ما هو قائم من تفاهمات بين رئيس تكتل التغير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون وحزب الله وبين رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وقوى 14 اذار، حيث تنتفي الحاجة الى اجراء انتخابات قياسا على عقد تسعة وعشرين جلسة من غير ان يكتمل نصابها!
هذا الموضوع لا بد وان يشكل عقدة العقد امام مؤتمر الحوار وهذا الشيء معروف مثله مثل مشاركة حزب الله في الحرب السورية حيث سيثار هذا الموضوع بمستوى اثارة الانتخابات الرئاسية كمعادلة اولية من الواجب التوقف عنده قبل غيره من «مواضيع الحشو» اضف الى ذلك ان المواضيع المطلبية ستطرح في مؤتمر الحوار على اساس انها ملحة اكثر من غيرها مثل النفايات والكهرباء والمياه، واي كلام اخر سيكون من دون طعم ولا لون ولا رائحة، حيث لا بد وان يشد كل طرف باتجاه ما يخدم وجهة نظره؟!
من هنا على المواطن العادي ان لا يبني امالا عريضة على الحوار كون التعقيدات اكبر مما يتوقع البعض من حلحلة كاذبة من النوع الذي يجيشون له عبر تحركات سياسية – شعبية شكلية وليست جوهرية جريا على العادة التي درجت عليها الساحة اللبنانية من لحظة التأخر في بت موضوع الانتخابات الرئاسية الى حين انفجار ازمة النفايات التي لا تزال تهدد بمتغيرات تشكل مقدمة لما هو اكثر سوءا (…) بحسب اجماع المراقبين الذين يتخوفون من تطورات بالغة السلبية تتجاوز اشكال الاعتراض التي شهدها اللبنانيون في غير مكان!
وفي المقابل، ثمة من يجزم بان نزول التيار الوطني على الارض لن يغير حرفا في الازمة القائمة، خصوصا ان لا رابط بين «الاورنج» والحال المطلبية الاخرى، باستثناء ما له علاقة بما سبق للتيار الوطني ان اثاره بالنسبة الى آلية عمل مجلس الوزراء اضف الى ذلك التعيينات الامنية والعسكرية التي لا تزال تشكل حالا مطلبية من الصعب الخوض فيها بعد الذي حصل بشكل اداري واضح لا لبس فيه؟!
ومن الان الى حين حدوث تطور سلبي هناك من يرى ان تكبير حجم الحوار ليس من شأنه ان يضع الامور في نصابها، بقدر ما ستكون هناك اسئلة عما هو مرتقب كي لا نقول ما هو مستبعد قياسا على مجريات ما هو في سياق الامور غير المقاسة على قياس مصالح بعض السياسيين ممن لم يعد يفهم ان الايام قد تغيرت بنسب كبيرة جدا؟
صحيح ان ضجيج الشارع لم يصل بعد الى حد اجبار السلطة على ان تعمل المطلوب منها، مع العلم ان لكل طرف مطالب تختلف جذريا مع مطالب الطرف الاخر، ما يشجع على القول ان الامور مرشحة لمزيد من الانفجار، وصولا الى ما يعزز توتر الشارع قياسا على الحال السياسية التي لا مجال لان تقارن بموقف ايجابي بالنسبة الى التطورات القائمة على غير صعيد سياسي؟!