وصلت «ويندي» والطقس «زمهرير» «إبليس» منزوٍ في الحديقة الخلفيّة لإغوائه، بعدما أصيب بإعياء شديد، لم يعد باستطاعته تحمّل مشاهد التفنّن في تعذيب الآدميين، من نظام الجزّار بشّار، إلى داعش والذّبح والإحراق أمام كاميرات الإخراج السينمائي، ولم يستطع إبليس أن يصل إلى خلاصة ما إذا كان جماعة نظام الأسد من الجنس الآدمي أو من جنس سواه لم تكتشفه البشرية بعد، ولا جنس حلفائهم من ميليشيات حزب الله التي تمعن في قتل الشعب السوري، لم يعد إبليس قادراً على احتمال المشهد المتضارب، لا يجد عملاً له وسط هذه المذبحة الدائرة من تلقاء نفسها!!
سأل «إبليس» نفسه: «بماذا قد أوسوس بعد لحاكم يأمر بإبادة شعبه، أو لخليفة وأمراء ومرتزقة «داعش» ووحشيّة أفكارهم وابتكاراتها وإرهابهم؟! حتى إبليس أصيب بالذعر، نظر إلى لبنان، طارت الجلسة الرئاسية بالأمس وستطير التي بعدها، إيران تريدُ مرشداً للبنان لا رئيساً، وتذكّر إبليس أنه «طفش» وقدّم استقالته مرتيْن من هذا البلد، وها هو يعود ليجده كما تركه… وتفجّع «إبليس» على حكومة لبنان العاطلة من العمل إلى حين التوافق على آلية عمل، ومجلس ممدّد له، خاف إبليس على روحه من عدد قتلى الطائفة الشيعيّة الذين سقطوا دفاعاً عن نظام المقاومة والممانعة الوهميّة، فـ»تشّ شعر بدنو»!!
تذكر إبليس خطاب المقاومة والممانعة والتصدي، وتأمّل خطاب الممانعة والمقاومة من القنيطرة إلى الجولان، والحديث عن توحيد لبنان مع هذه الجبهة، احتار إبليس، عبث بشَعْر وجهه القبيح وتذكر حقيقة مثبتة منذ العام 1967، والحكاية تفضح وجه التقسيم الذي يخوّفون به الشعب السوري المهجّر واللاجئ في «دول الجوار»التي باتت تشبه «دول الطوق»!!
تذكّر إبليس الأيام الخوالي تذكر 23 شباط 1966 عندما حدث انقلاب داخل» حزب البعث» شطر الحزب في سوريا إلى يميني فر إلى العراق ويساري بقي في سوريا بسيطرة علوية وضعت في الرئاسة شبح رجل سني هو رئيس الدولة نور الدين الأتاسي، ليحكم من خلف الستار علوية الحزب والجيش بقيادة رجل العلويين القوي صلاح جديد وتسلم وزارة الدفاع العلوي الآخر حافظ الأسد.
هنا بدأت فصول المسرحية الحقيقة فقد كان حافظ الأسد متعصباً، حاملاً لأفكار الحزب القومي السوري، وثمة روايات كثيرة عن تأهله للدور الذي قام به عبر بعثة عسكرية أرسل لها إلى لندن لمدة ستة شهور حيث جرى الترتيب مع اليهود والغرب لدوره ودور طائفته المقبل الذي بدأت فصوله في معركة 5 أيار1967 عندما أشرف وزير الدفاع آنذاك حافظ أسد على تسليم قلعة المشرق العسكرية، وخطوط دفاعاتها الحصينة ومدينة القنيطرة ومرتفعات الجولان إلى الجيش الإسرائيلي من دون قتال..
وقد أصبحت قصة إعلان سقوط القنيطرة من قبله والأمر بالانسحاب الكيفي للجيش السوري من خطوط القتال قبل 17 ساعة من الدخول الإسرائيلي إليها معروفة يوم الحادي عشر من حزيران لعام 67 بالبيان العسكري الصادر عن وزارة الدفاع برقم 66 ذكرها كثير من الساسة الغربيين في مذكراتهم وروى تفاصيلها كثير من ضباط أركان الجيش السوري والمصري والأردني الذين عاصروا المرحلة، هذا باختصار تفصيل صفقة تعهد فيها اليهود والدول الغربية بتسليمه وزير الدفاع العلوي رئاسة الدولة وتمكين العائلة من حكم سوريا!!
وبكل وقاحة خرج وزير خارجية سوريا البعثي الدرزي إبراهيم ماخوس ليعلن في خطابه: «ليس مهماً أن يحتل العدو دمشق أو حتى حمص وحلب فهذه جميعاً أراضي يمكن تعويضها وأبنية يمكن إعادتها، أما إذا قضي على حزب البعث فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي هو إسقاط الحكم التقدمي في سوريا، وكل من يطالب بتبديل حزب البعث فهو عميل لإسرائيل»!!
اليوم ثمّة من يريد أن يقنعنا بأنه وحّد جبهة لبنان مع جبهة الجولان، والخير لقدّام!!