يعلم المدقّق في محضر جلسة مجلس الوزراء الذي انعقد في القصر الجمهوري يوم الخميس الفائت، وفي نظرة تحليلية بسيطة، لا تحتاج الى كثير عناء وجهد كبير، ان اجواء الجلسة لم تكن مريحة بل كانت مرتبكة ومخالفة لقناعات رئيسها الذي اعلن بصراحة ان ضميره لا يقبل بهكذا تعيينات.
فالجلسة التي بحثت موضوع تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، شهدت كلاماً لرئيس الحكومة، تبعه تصفيق في القاعة، هذا الكلام بدا حازماً إذ قال دولته: «ما حصل يخالف قناعاتي ومنطلقاتي وتوجيهاتي، هذه التعيينات لا تشبهنا جميعاً كحكومة تكنوقراط».
كلام جميل… ولكن نريد أن نسأل دولة الرئيس؛ كيف جاء هو الى الحكم كرئيس للحكومة؟ وهل عمله كأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت، يؤهله لهذا المنصب؟ وهل صحيح أنّ حكومته هي حكومة تكنوقراط؟ أم أنه هو وكل وزير من الوزراء يتبعون جهات سياسية؟ ولماذا تجاهلت هذه الحكومة واستبعدت «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«الاشتراكي» و«المستقبل»، في حين أشرك «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، و«تيار المردة»؟ وهل هذه الجهات لا تمتّ الى الأحزاب بصلة.
وفي الجلسة عينها، أضاف دياب: «أرى ضرورة وضع آلية شفافة لها الطابع القانوني… وهذا جميل أيضاً، وإن أغفل دولته أن مشروع قانون تحيله الحكومة الى مجلس النواب يتطلب أربع سنوات على الأقل في لبنان، إذا كان لبنان خالياً من «كورونا»… فكيف تكون الحال و«كورونا» تتفشى، بالإذن من هذا الوباء المقيت.
الكلام جميل جداً، كما ذكرنا وهذا ما يذكّرنا بقصة العربة والحصان… ولكننا نتساءل أيضاً: لماذا لم يطرح هذا الأمر قبل التعيينات؟ أليْس الوضع غريباً؟ وهل يسري ما جرى قوله في التعيينات على التعيينات القضائية أيضاً التي لا تزال متوقفة لأسباب سياسية؟
ويتابع دولته مذكراً بانتفاضة 17 تشرين:
الظاهر أنّ هناك من يعتقد أنّ شيئاً لم يتغيّر بعد الإنتفاضة، أو فلنقل إنّ الانتفاضة انتهت أو طمست معالمها حتى ينسى المواطن كل السياسات الماضية.
ونقول: «الحكم إستمرار… وقد مجّ الناس سماع هذه الأسطوانة «كلما دق الكوز بالجرّة»، فعلى أي أساس قبل دولته المهمة؟ وهل يجوز أن يتخلى عن كل السياسات الماضية؟».
ويقول البعض: «إنّ الكثيرين يحاولون كشف عورات السياسيين في هذه الحكومة لطمس الماضي»، فنقول: كلنا مع نجاح الحكومة.. وأنت يا دولة الرئيس قادم للإنقاذ… والحكم تضحية كما تعلم.
أما القول: «إنّ ڤيروس كورونا كان منتشراً في مختلف مفاصل الحياة، قبل أن يتحوّل الى وباء مرضي يصيب صحة الانسان»، فهذا قول مردود أيضاً، فأنتم حكومة إنقاذ وحكومة خبراء، فلماذا تأخرتم في معالجة هذه الأزمة حتى استفحلت؟
الغريب العجيب أنه وبعد انتهاء حديث رئيس الحكومة تحدّث فخامة رئيس الجمهورية عن عودة اللبنانيين من الخارج مركزاً على أهمية التدقيق بالإمكانات المتوفّرة لتسهيل العودة.
الظاهر أنّ فخامته لم يسمع ما قاله رئيس الحكومة أو لم ينتبه أو أنه سمع ولكنه يعلم أنّ الحقيقة في مكان آخر، وأنّ ما قاله رئيس الحكومة ليس له علاقة بالقضية، لأنه يعلم علم اليقين أنّ السبب في تعطيل التعيينات هو طمع الصهر وجشعه…
والعجيب الغريب أيضاً أنه برغم الوضع المالي والنقدي الصعب، يقر مجلس الوزراء الشروع في تنفيذ سدّ بسري والذي سيجري تمويله من البنك الدولي بـ٦٠٠ مليون دولار وهذا الرقم سيضاف الى الدين العام البالغ ٨٦ مليار دولار.