أن تقول كلمتك وتمشي، فهذا لعمري قمة العنفوان والفروسية. لكن أن تقول كلمتك وتبقى على الكرسي، مكتفياً بالسرد والإنشاء، فأنت يا عمري تبيع الماء في حارة من تتلو على مسامعهم معزوفة، كانوا الأشطر في اللعب على أوتارها.
فما تقوله يؤكد أنك لم تحضر السوق. أو أنت في أحسن الأحوال “شاهد ما شفش حاجة”. فالبائع والشاري يفاصلان وكأنك غير موجود. وهما يفهمان على بعضهما البعض، مهما تباريا في المفاصلة.
كأنك لم تجد في السوق مركزاً شاغراً الا مركز المنادي… و”على أونا على دوي على تري”، في حين يتولى أصحاب الشأن إدارة مزايداتهم، وتهديدهم ووعيدهم. وجنابك “لا تهزّه واقف على شوار”.
يا عزيزي كأنك تريدنا أن نصدق مزحة “التكنوقراط” في جمهورية “فالج ولا تعالج”.
ولِمَ تُعالج في الأساس؟ ما دام أسياد هذه الطبقة يعتبرون أن رأسمال جمهورهم كمامة موسومة بشعار حزبي.
وما دامت الوقاحة في التحاصص متوحشة أكثر من الفيروس.
وما دام الثنائي يحل ويربط كما يشاء، والثلاثي يشفط كما يشاء، ويترك لك مهمة الشطف.
وما دمنا نزداد يقيناً أن لا شيء بإمكانه أن يغيّر هذه الطبقة السياسية. لا مفصل 17 تشرين الأول، ولا خطر فيروس “كورونا”، ولا الامتناع عن سداد “اليوروبوندز”، ولا إفلاس الدولة والمصارف، ولا البطالة ومعها الجوع والفقر والعنف المرتقب.
قل لي بربّك: ممَّ تشتكي. وما الجديد في أن المصاعب تكبر وتزداد؟
فالمنطق يقول إنها ستكبر وتزداد، ما دامت المعالجات على وزن ما تتحفنا بها المقررات.
وما دام الخطاب الخشبي يتمحور حول “التناحر السياسي وتناتش الحصص”. ففي زمن الـ”كورونا” ممنوع استخدام هذه المصطلحات لأنها كفيلة بقتلنا مللاً.
لطفاً بنا رجاءً، فنحن لا نحتمل مسؤولاً يتسوّل تعاطفاً مسلوباً من وجعنا.
وإذا لم تكن بحاراً في الأساس، غادر المركب، فالأمواج العاتية قد تستلزم رمي الحمولة الزائدة في اليم.
المهم أن ترحمنا من نغمة المطالبة بالوعي الوطني، والإصرار، إرضاءً لمن يبيع ويشتري تحت أنفك، على اجترار “تداعيات السياسات السابقة”. فكل ما يحصل منذ “هلَّ هلالك” يشير الى أن هذه السياسات السابقة، ليست سوى سياسات حالية ولاحقة منذ دخولك مع شمعة على طولك.
أم أنك انتبهت الى الإصرار على إبقائك في دور الكومبارس يحرمك من “الزقيفة”، فانزعج خاطرك، ولم تجد بداً من الاستعانة بأهل البيت لتحضير مواقف من حواضر البيت، مع أن العشاء لا يزال طبخة بحص. وتحديداً عندما لا تمون إلا على… على من؟ على ماذا؟
أم أن المسألة حسد وضيقة عين من التصفيق للجسم الطبي والتمريضي، الذي استفز هذه السلطة التي تصر على مخاطبة الشعب من كوكب المريخ.
وإلا كيف تريدنا أن نترجم معاناتك من الذين تدّعي أنهم يرجمونك؟ ويا ليتك تذكرهم بالإسم والكنية ورقم السجل، عوض أن تكتفي بالإنشاد: “وطن النجوم أنا هنا”… وتنتشي عندما تلبيك زبدة “التكنوقراط” بـ”لعيون الأحباب يللا.. زقفة زقفة يا شباب”.