IMLebanon

دياب – باسيل: تقدّم ملحوظ على طريق التأليف

 

يبدو أنّ ثمة من راهن على هدوء حسّان دياب، ليبني عليه اتكاله في دفع الرجل إلى الاستسلام بسهولة. إلّا أنّ الأحداث والتطورات تثبت أنّ رئيس الحكومة المكلف ليس من طينة من يتعبون بسهولة أو من يقبلون بالمساومة على نجاحهم. ولذا تراه يتمسك بأي طرح يرفعه ولو أبدى بعض الليونة ولكن ليس على حساب المبدأ.

 

قالها منذ بداية الطريق إنّ خياره الأول هو لمصلحة وزراء اختصاصيين، وبالتالي لن يرضى بضمّ وزراء حزبيين ولا من اللون السياسي الفاقع إلى تركيبته، ثم وضع فيتو ثانٍ على كل وجوه حكومة تصريف الأعمال. وها هي حكومته تشقّ طريقها لرؤية النور بعدما تمكن من دفع شركائه في التأليف إلى احترام الشرطين اللذين وضعهما لسلّم معايير التأليف. ومع ذلك، سارع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى التحذير من أنّ “التشكيلة الحكومية المرتقبة لا توحي بالاطمئنان”.

 

يدرك دياب أنّ العقبات والتحديات التي تنتظر حكومته، قد تدخلها التاريخ، سواء نجحت في المهام الملقاة على عاتقها أو فشلت. ومع ذلك، يسعى لإحداث بعض الفرق عن أسلافها، أولاً من خلال الأسماء التي ستضمها، وثانياً من خلال المهلة الزمنية المتاحة لتأليفها، وثالثاً من خلال أداء وزرائها. ومهما تأخرت الولادة، يحرص “أولياء” الحكومة العتيدة على أن تكون الأسرع في الوقوف أمام مجلس النواب طالبة الثقة. وإلا فإنّ الكوارث ستقع الواحدة تلو الأخرى.

 

ولذا يكثف رئيس الحكومة المكلف مشاوراته التي يبقى معظمها بعيداً من الاعلام خصوصاً وأنّ كل “العيون مفتّحة” عليه، فيما راحت أسهم الانتقادات تطاوله تحت عنوان المحاصصة والعمل على تأليف حكومة تقليدية لا تعكس التغييرات التي فرضها “حراك 17 تشرين الأول”.

 

لغاية الآن، نجح دياب في تذليل العديد من العقبات التي تواجه مسيرة التأليف، ولعل أبرزها تلك المتصلة بالحقائب الشيعية وحتى الدرزية، كما حسم خياراته بالنسبة للوزراء السنّة على خلاف الغبار المثار حول هذه الحصة، فيما لا عقدة عند التمثيل المسيحي. كما يحرص الرجل على إحاطة مفاجآته الحكومية بجدار من الكتمان منعاً لإفسادها على أمل أن تثير صدمة ايجابية لدى الرأي العام وتعمل على وضع الخطط التي بدأ التحضير لها ضمن الفريق الاستشاري الخاص برئيس الحكومة، موضع التنفيذ.

 

بالتفصيل، يتبيّن أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل حاول قدر الامكان إبقاء مسافة شكلية بينه وبين مطبخ التأليف، فابتعد عن الواجهة تاركاً المجال أمام رئيس الحكومة المكلف لكي يدوزن تشكيلته بعيداً من الضغوطات السياسية، لكن المطّلعين يجزمون أنّ باسيل، كما غيره من القوى السياسية، وتحديداً من محور قوى الثامن من آذار التي تعتبر العمود الفقري الداعم لحكومة دياب، يتشاورون ضمن قنوات كاتمة للصوت، مع رئيس الحكومة المكلف على نحو لا يسمح بإثارة نقمة الشارع.

 

لكن الادعاء أنّ دياب حيّد مطبخه عن تأثير القوى السياسية، فتلك مبالغة لا أساس لها من الصحة، لأنّ القوى السياسية تضع بصماتها في تركيبة الحكومة ولكن بطريقة “لايت” منعاً لاستفزاز الرأي العام، ربطاً بحاجة دياب إلى أصوات هذه المجموعة في مجلس النواب. ووفق القاعدة ذاتها يعتبر باسيل، وفق المطلعين على المشاورات الحكومية، أنّ التوازن السياسي والذي يكرسه البرلمان، يعطيه الحق في تسمية أو تحديد مصير 7 إلى ثمانية وزراء من أصل 18 وزيراً.

 

وكما كان له امتياز تسمية 11 وزيراً من حكومة سعد الحريري الأخيرة، فهو يتصرف على أساس أنه له الحق في التحكم بمصير 7 وزراء مسيحيين، حيث تفيد المعلومات، أنه يرفض تسمية دميانوس قطار لوزارة الخارجية كما لا يزال مصير زياد بارود في وزارة العدل بيد رئيس الجمهورية الذي سيحسم هذه النقطة قريباً. في المقابل، فإنّ رئيس الحكومة المكلف متمسك بصلاحيته في تسمية الوزراء قبل عرضهم على رئيس الجمهورية، ويرفض وضع كل الحصة المسيحية على مشرحة باسيل، تاركاً منفذاً محدوداً للتشاور مع باسيل كون “التيار الوطني الحر” هو صاحب أكبر كتلة نيابية والحاجة إلى تصويته في البرلمان ماسّة.

 

وتفيد المعلومات أنّ لقاءً ثلاثياً جمع دياب وباسيل بمشاركة صديق مشترك هو الرئيس السابق لصندوق المهجرين شادي مسعد حيث تمت مناقشة عدد من النقاط العالقة، ويتردد أنّه تمّ التفاهم على معظمها ويفترض أن يجمع لقاء ثان يُعقد مطلع الأسبوع المقبل، كلّا من رئيس الحكومة المكلف ورئيس “التيار الوطني الحر” لوضع اللمسات النهائية على الأسماء المقترحة من الجانبين قبل رفع التشكيلة إلى رئيس الجمهورية، في وقت يردد أكثر من معني بالملف الحكومي أنّ القوى الداعمة لدياب متفقة على أنّ مشوار التأليف سيكون قصيراً جداً.