Site icon IMLebanon

“البلادة الفكرية” حيال اللاءات على المساعدات

 

تقدّم حكومة الرئيس حسان دياب الإشارة السلبية تلو الأخرى للمجتمع الدولي الذي تراوح مواقفه بين إبداء الاستعداد لدعم لبنان كي ينهض من أزمته، وبين التأكيد، خصوصا على لسان الديبلوماسية الأميركية، أن الدول المعنية تراقب أداء الحكومة لتبني على الشيء مقتضاه.

 

لازمة ربط الدعم بالإصلاحات كررتها أمس السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد اجتماعها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. لكن القيمين على الحكومة يقنعون أنفسهم بأن إبداء الاستعداد للدعم دليل إلى أن ما تقوم به يحظى بالتأييد الخارجي. قلة من الوزراء يرون أن لبنان لن يتلقى الدعم بالسهولة التي يتوقعها زملاء لهم، ولا يتفاءلون به لاعتقادهم أنه لا يمكن للدول الأوروبية أن تقدم مساعدات مالية حتى لو افترضنا التأييد السياسي دولياً للحكومة، في ظل تدهور الاقتصاد العالمي وحاجة أوروبا وأميركا لتخصيص تريليونات من الدولارات لمواجهة انعكاسات تباطؤ النشاط الاقتصادي.

 

بعض أركان التركيبة الراعية لحكومة دياب يصم آذانه عن شروط الدعم، الممكن للبلد. فهم يتبلغون بهذه الطريقة أو تلك باللاءات الغربية والأميركية المتتالية المتعلقة بالمساعدات. مضت سنتان (منذ سيدر) على تكرار عبارة لا للمساعدات المالية إذا لم تطبق الحكومة في شكل “ملموس” (وهي كلمة وردت في بيانات “مجموعة الدعم الدولية للبنان” وتصريحات سفراء الدول الأعضاء) الإصلاحات بدءاً بالكهرباء. “الملموس” في الكهرباء سئم السفراء من تكراره: تعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان وأعضاء الهيئة الناظمة، والإسراع في المناقصة لتلزيم معملين للإنتاج بشفافية ونزاهة. وبعدها المطالبة بالهيئات الناظمة في الطيران المدني والاتصالات…

 

اللا الثانية جاءت لاحقاً. لا مساعدات للبنان إذا لم يتوقف التهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية. وهو أمر عاد فارتبط من قبل الجانب الأميركي بقانون “قيصر” للعقوبات الذي يحظر التعاون مع مؤسسات النظام السوري والشخصيات التابعة له والتي تمر أموالها عبر المصرف المركزي السوري. تطورت هذه اللا قبل أيام: لا مساعدات للبنان من دون التزامه قانون “قيصر” بشكل كامل. بل إن المطلوب إعلان نوايا لبناني بالتزام القانون الأميركي والديبلوماسية الأميركية تنتظر جواباً في هذا الصدد.

 

يتعامل بعض القيمين على الحكومة ورعاتها مع هذه اللا بخفة ويناورون ويداورون وبعض المحيطين بـ”حزب الله” يدعون إلى عدم تطبيق القانون ويرفضون وقف التعامل مع شركات وأفراد تابعين للأسد.

 

ما يشبه اللا للمساعدات للبنان جاء في شأن موضوع آخر جرى التعاطي معه بقدر عالٍ من البلادة الفكرية لدى البعض. فبعض المسؤولين تبلغوا أنه سيصعب على الولايات المتحدة الأميركية أن توافق على تقديم مساعدات مالية للبنان إذا استمر الهجوم على حاكمية مصرف لبنان، وعلى الطاقم المتعاون مع السلطات المالية الدولية المعنية بتطبيق العقوبات على إيران و”حزب الله”. وحين بدأ التحضير الجدي للاستغناء عن خدمات نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري تكرر الموقف نفسه. لجأ بعض من يسعون للحلول الوسط إلى مخرج يقضي بتعيين بعاصيري رئيسا للجنة الرقابة على المصارف. الجانب الأميركي لم يعر أهمية للفكرة، فجاءت تعيينات الأربعاء الماضي لتكرس تنصيب شخصيات يخضع معظمها للتحالف الذي تتشكل منه الحكومة ومحوره “حزب الله”.

 

هناك ما يشبه اللاءات الأخرى أثيرت بالإيحاء والتلميح، من مؤسسات دولية. والحبل على الجرار.