IMLebanon

الأزمة خانقة… الحكومة إلى الحجر السياسي؟

 

لا تُحسد الحكومة على الكوارث التي تصيبها. هي ارتضَت أن تحمل همّ الاقتصاد ومعيشة المواطنين وأزمة المال، لكن، لم يكن في الحسبان الأزمة الصحية التي أتت من خارج الحدود.

لا يختلف المراقبون على أنّ الأزمة الصحية تنعكس على صحة الحكومة السياسية، بانتظار أن يضرب «الفيروس» جهازها التنفسي، فتوضَع في الحجر السياسي الذي ينتهي بطريق واحد، الرحيل.

 

مطبّات كثيرة لا يبدو أنّ اجتيازها أمر سهل، لأنّ كتاب هذه الحكومة منذ تأليفها، امتلأ بالكثير من الكلام المعسول، من دون أي إجراءات ملموسة تعطيها شيئاً من التميّز. فلا النهج تغيّر، ولا الممارسة تبدّلت، ولم يُرحّل موظف واحد على سبيل المثال الى منزله ممّن لا يحق لهم التوظّف بعد آب 2017، كإجراء حسن نيّة تظهره إلى العالم والداخل.

 

عمق الأزمة جرّ أركان هذه السلطة إلى القبول بصفقة إطلاق عامر الفاخوري وسط أزمة «كورونا» التي تغطي المشهد السياسي والوطني، بحسب ما يقول مصدر سياسي لـ»الجمهورية»، الذي يعتبر أنّ الأصوات التي تعلو رافضة الإفراج عن فاخوري سرعان ما ستخفت أمام وَهج أزمة «الفيروس» التي تغلب على المسار الداخلي.

 

ويقول: «واضح أنّ العهد هو طرف واحد مع «حزب الله»، والحكومة ليست حكومة مساكنة بين 14 و8 آذار على غرار حكومة سعد الحريري، إنّ الحكومة تدور كلياً في فلك الحزب، وترعاها قوى ثلاث: الثنائي الشيعي، والعهد».

 

لذا، وبعيداً عن ماورائيّات قضية الفاخوري، يحاول العهد الذي يرفض الوصول إلى نهاية خدمته وفي رقبته أزمة انهيار لبنان نظاماً اقتصادياً ومالياً وحتى سياسياً، أن يسير بين النقاط ويقدّم للمجتمع الدولي نوايا حسنة لتجاوز المزيد من العقوبات وتفادي المزيد من الحصار المفروض دولياً واستطراداً عربياً على لبنان. من هنا، جاءت صفقة الفاخوري بحسب ما يقول المصدر السياسي لـ»الجمهورية»، وبموافقة «حزب الله» ضمناً للتجاوب مع المطالبات الأميركية بتحريره وهو الذي يحمل الجنسية الأميركية، مغلّباً، أي «حزب الله»، مصلحته الحزبية والسياسية على عقيدته.

 

ويشعر الفريق الحاكم بدقة المرحلة وصعوبتها، لذلك، استفاد من توقيت الأزمة الصحية للإقدام على ما أقدم عليه قضائياً. والسؤال، هل ما جرى يخبّئ صفقة معينة ستتبيّن معالمها لاحقاً أم هو نتيجة ضغوط أميركية فقط، خضع لها الفريق الحاكم ومرّرها «حزب الله» لتفادي عقوبات قد تطال حليفه جبران باسيل ولا تنتهي بعقوبات على الدولة اللبنانية؟ علماً أنّه قد يكون هناك محاولة، بحسب المصدر، لتعويم دور جبران باسيل أميركياً، بحيث يمكنه مستقبلاً أن يؤدي دور الوسيط بين الأميركيين و»حزب الله» في أي مفاوضات لاحقة تأسيساً على ما حصل مع الفاخوري.

 

وبالتوازي مع انسداد الأفق أمام فريق السلطة، كان واضحاً من كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الأخير، الذي تحدث فيه عن ملفي «كورونا» و»صندوق النقد الدولي»، أنّ هناك «قبّة باط» للحكومة لبدء العمل مع صندوق النقد، في محاولة لصَون حكومة اللون الواحد، التي التقطت إشارات عربية تدلّ على رفض صارم وصريح لدعمها معنوياً ومادياً، واستقبال رئيسها، خصوصاً أنّ الإدارة الإماراتية، بحسب ما علمت «الجمهورية»، تعتبر أنّ حكومة حسان دياب قامت بخطوة انتحارية على خلفية عدم دفع سندات اليوروبوندز، وسط غياب أجندة واضحة المعالم للفترة المقبلة على مستويات كافة اقتصادية ومالية وسياسية، علماً أنّ هذه الخطوات تتزامن مع معلومات عن أنّ الليرة اللبنانية تتجه إلى مزيد من الهبوط وفقدان قيمتها، ما يؤشّر الى انّ لبنان ذاهب في الأشهر المقبلة، في حال بَقي الفريق الحاكم على عناده ونهجه، إلى الانهيار الكامل اقتصادياً ومالياً.

 

هذا الوضع المتأزّم يتطلّب، بحسب مرجع حكومي سابق، وجود خطة كاملة لدى الحكومة، والخطوات التي يجب أن تبدأ بها بعد الامتناع عن دفع سندات اليوروبوندز ومع إصابة لبنان كلّه جرّاء أزمة «كورونا»، هي اتخاذ إجراءات إصلاحية حقيقية في المسائل المالية والنقدية والقطاعية والادارية.

 

ويضيف: «الدواء السياسي ضروري، وهو إعادة الاعتبار للدستور وللدولة وصلاحياتها ونفوذها، وإعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة في إدارة الامور واستقلالية القضاء وللشرعيتين العربية والدولية من أجل استعادة التوازن الداخلي والخارجي».