Site icon IMLebanon

التهويل بالتغيير هدفه إبقاء الحكومة في دائرة تبعية «حزب الله» ومصالحه الإقليمية

 

إبدال الحكومة بأخرى مشابهة لن يحل الأزمة بل يؤدي إلى تفاقمها

 

 

هل تأليف حكومة جديدة يؤدي إلى حل، الأزمة المتعددة الجوانب التي يواجهها لبنان منذ الخريف الماضي؟

 

في رأي مصدر سياسي، فإن التغيير الحكومي وتأليف حكومة جديدة على شاكلة حكومة الرئيس حسان دياب الحالية، لن يغير شيئاً في مسار الأزمة القائمة، لأن الوضع الصعب يتجاوز تبديل الحكومة الحالية بأخرى مشابهة، شكلاً ومضموناً، بل يتطلب الأمر تغييرات أساسية في تركيبة السلطة كلها من جهة وتوافر ظروف محلية وإقليمية ودولية مؤاتية من جهة ثانية وهي ليست متاحة في الوقت الحاضر.

 

ويعتبر المصدر انه بالرغم من تواتر الاخبار عن احتمال اجراء تغيير حكومي بفعل تردي أداء الحكومة الحالية وعجزها المتواصل عن القيام بالحد الأدنى من المهمات المطلوبة منها للتخفيف من وطأة الأزمة عن كاهل المواطنين، اقتصادياً ومعيشياً، الا ان الأطراف السياسية في معظمها، لا تبدو متحمسة لخوض غمار عملية التغيير باستثناء قلّة لا تبدو قادرة بمفردها على المبادرة بعملية التغيير هذه بمعزل عن موافقة الآخرين، فحزب الله الداعم الأساس والمهيمن على الحكومة، يخشى من مستجدات غير متوقعة، قد تؤدي، إما إلى تعثر تأليف حكومة جديدة حسب طموحاته، أو إلى تأليف حكومة بديلة مستبعد عن المشاركة فيها، لسبب أو لآخر، لحسابات محلية أو إقليمية أو تحت تأثير ضغوط محتملة من هنا أو هناك، ما يحرمه جانباً أو حيزاً كبيراً من تأثيره وسطوته على قراراتها، الأمر الذي ينعكس عليه ضرراً ويؤثر على نفوذه ومصالحه وهو ما يرفضه ويتجنب حصوله في الوقت الحاضر.

 

المطلوب تغييرات أساسية في تركيبة السلطة كلها وتوافر ظروف محلية وإقليمية ودولية مؤاتية وهي ليست متاحة في الوقت الحاضر

 

اما قوى المعارضة الحالية وبرغم تنوع مواقفها وتوجهاتها، تبدو حذرة جداً في مقاربة مسألة تغيير الحكومة الحالية بحكومة جديدة، لأنها لن تخرج على شاكلة الحكومة الحالية في ظل الظرف السائد محلياً واقليمياً ودولياً وضمن موازين القوى السياسية القائمة، وبالتالي فهي لن تستطيع تجاوز الواقع المفروض عليها وتنفرد بأداء سياسي مستقل، يقدم المصلحة اللبنانية على ما عداها، بل ستبقى أسيرة دوّامة الهيمنة والتبعية لمصالح «حزب الله» محلياً واقليمياً وستكون عاجزة عن اتخاذ القرارات والتدابير المستقلة التي تساهم بتغريم أو حل الازمة القائمة.

 

وفي اعتقاد المصدر فإن ظروف قيام حكومة جديدة تتولى رئاستها شخصية موثوقة وقادرة على القيام بالمهمات واتخاذ القرارات اللازمة والشجاعة لحل الأزمة المالية والتخفيف من تداعياتها على كل الصعد، لا تبدو متوفرة في الوقت الحاضر، بالرغم من كل الدعوات المطالبة بتولي مثل هذه الشخصية لرئاسة هذه الحكومة للقيام بالمهمة التي عجزت الحكومة الحالية عن القيام بها حتى الآن، ما يؤدي حتماً إلى إطالة أمد الأزمة الحالية إلى وقت غير معلوم، الا إذا طرأت مستجدات وعوامل غير متوقعة تبدل من الوقائع السائدة في الوقت الحاضر، وحتى ذلك الحين فإن الحكومة الحالية مستمرة في تولي السلطة بالرغم من عجزها الفاضح في القيام بالمهمات المنوطة بها، ما يعني ان الأزمة التي يعيشها لبنان مستمرة ومعاناة اللبنانيين متواصلة وقد تمتد طوال ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.

 

ولذلك، يلاحظ المصدر ان الدعوات التي ترددت بخصوص حصول التغيير الحكومي، اما اصطدمت بواقع رفض التغيير للحسابات المذكورة، أو هدفت في مكان ما إلى إعادة شد عصب الحكومة تجاهها بقوة أكثر وحاولت من خلال التهويل بالتغيير الحكومي فرض توجهاتها وخياراتها بهذا الاسلوب بعدما لاحظت انحرافاً في سلوكيات الحكومة وخياراتها في التعاطي الخارجي باتجاهات مغايرة، ولا سيما ما حصل على خلفية مواقف سفيرة الولايات المتحدة الأميركية من الوضع اللبناني في المقابلة التلفزيونية الأخيرة وغيرها ومسائل أخرى ولا سيما في ضوء اللقاءات والاتصالات التي أجراها أكثر من سفير دولة خليجية مع العديد من الأطراف اللبنانيين.

 

وبالفعل، فإن مبادرة رئيس الحكومة حسان دياب لتوجيه انتقادات لبعض تصرفات السلك الدبلوماسي الشقيق والاجنبي في لبنان، تعتبر ترجمة واضحة وفورية لمفاعيل التهويل باجراء التغيير الحكومي، واستجابة واضحة للتأكيد على بقاء الحكومة ضمن دائرة هيمنة الحزب والدفاع عن مصالحه المحلية والإقليمية ولو كان ذلك على حساب توسيع دائرة التباعد عن الأشقاء والأصدقاء عن لبنان.