Site icon IMLebanon

حتى شِراء الوقت لا يُتقِنونه

 

 

 

سياسة شِراء الوقت هي السائدة مع الحكومة الحالية، قِياساً إلى المطلوب منها: الإتّفاق مع صندوق النقد الدولي على خطّة اقتصادية ومالية تتضمّن الإصلاحات كافة التي سئِم المجتمع الدولي، بما فيه الصندوق، من تبريرات الحكومة الحالية وسابقاتها للتأخير في تطبيقها.

 

هذا الاتّفاق وحده يُساعد في ضبط سعر الصرف، ويُطلق حملة مساعدات مالية خارجية، مربوطة بمشاريع استثمارية مُحدّدة، تخضع للحَوكَمة في إدارتها، وتُخفّف من وطأة البطالة والعَوز… بحيث لا يخرج الوضع في البلد عن السيطرة، وِفق تحذير مفوّضة حقوق الإنسان الدولية ميشال باشليه.

 

وإذا صحّ أنّ وفد صندوق النقد تهكّم على ما تدّعيه الحكومة من إصلاحات، في جولة التفاوض الأخيرة، فإنّ أقصى ما يُطبّل ويُزَمِّر له المسؤولون هو الحصول على ما يندرج تحت عنوان “المساعدات الإنسانية”. وقد تتمّ سواء بشراء الفيول مُقابل مواد غذائية، أو بالإعفاءات من عقوبات قانون “قيصر” على التعامل مع النظام السوري، أو بتقديم مساعدات من برنامج الأغذية العالمي (30 مليون دولار للبنان والنازحين السوريين) أو برنامج المساعدات الأميركية لمزرعة أبقار، في هذه القرية أو تلك، أو من الإتّحاد الأوروبي، أو من تسديد فرنسا بعضاً من أقساط مُتعثّرة للتلامذة في مدارس فرانكوفونية، أو من بيع المُنتجات الإيرانية، المُهرّبة أو المُرسلة بالبواخر التي يتحدّث “حزب الله” عن قُرب مجيئها، وصولاً إلى إطلاق مُبادرات هي أقرب إلى العلاقات العامة، مثل إعلان السيد حسن نصرالله “الجهاد الزراعي”، انتهاءً بظهور جبران باسيل “يركش” الأرض ليزرع، بثياب “سينييه”، ما استدرج السُخرية والحنق على مواقع التواصل. كلّ ذلك شيء وتمويل الخطّة الإنقاذية من المجتمع الدولي والعربي شيء آخر.

 

دور بعض المبادرات الخارجية والداخلية في التخفيف من مُعاناة اللبنانيين، لا يعني التوهّم بأنّها الحلّ المرهون بالخطّة الشاملة. ليس الفساد وحده ما يحول دون صدقيتها، بل أيضاً قيادة “حزب الله” البلد نحو مُقتضيات الصراع الإيراني ـ الأميركي، وتحكّمه بما سمّاه البطريرك بشارة الراعي بـ”القرار الوطني الحرّ”، لتطويعه وِفق مُقتضيات هذا الصراع.

 

أقصى المُتوقّع هو الحصول على الفيول من العراق وقطر، مُقابل مواد غذائية وصناعية لبنانية. ومن الكويت كذلك التي تتّجه إلى مبادرة حسن نية بتسهيل مجيء المصطافين، حيث يساهمون في تحريك عجلة السياحة والـ”Fresh money”… أما توقّع ودائع مالية، فمن نافِل القول أنّ دول الخليج تربطها بموقف السعودية، المُمانع أمام تحكّم “الحزب” بالحكومة والحملات عليها.

 

حتّى “المساعدات الإنسانية” لم تسلم من قصور الحكومة. فعندما واجه رئيس البرلمان نبيه بري السفيرة دوروثي شيا بالشكوى من خنق عقوبات “قيصر” لتصريف البطاطا وغيرها، واستيراد الدواء… بعد تثمينه دعم بلادها الجيش، واجهته بأنّ الأمر منوط بالحكومة ورئيسها، الذي عليه أن يتقدّم بلائحة الإعفاءات للبضائع التي يرغب لبنان باستثنائها، فكان لقاؤها مع الرئيس حسان دياب بعدما حثّه بري على التحرّك في هذا الاتّجاه، مُستغرباً التلكّؤ. كانت حجّة دياب أنّ التأخير يعود إلى سفر وزير الخارجية ناصيف حتي إلى الفاتيكان. واشنطن كانت أبلغت المسؤولين، حين أطلعتهم على القانون، بانفتاح الخارجية فيها على تجنّب ما يضرّ بالمواطن.

 

أما التواصل مع الكويت بدفع من بري، فلولا علاقة اللواء عباس ابراهيم الخاصة معها، إثر دوره في تنسيق إجلاء عشرات الكويتيين العالقين في سوريا، عبر بيروت، ما كان ليتحقّق.

 

حتى شراء الوقت لا تُتقِنه هذه الحكومة.