Site icon IMLebanon

ورقة دياب الهالكة والمناورة الثقيلة

 

بات الجميع يشعر بالحاجة إلى ذهاب هذه الحكومة لكن رئيسي الجمهورية (وفريقه) والحكومة لا يشعران بذلك.

 

ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الرؤساء الثلاثة الخميس الماضي عن الحاجة إلى حكومة وحدة وطنية لم يكن سوى إشارة إلى حسان دياب بأن عليه أن يتهيأ للرحيل، لأن هناك عملاً جدياً يسعى إليه “بيّ الكل” الفرنسي من أجل تحضير المسرح السياسي لحكومة بديلة. لكن دياب متشبث بالبقاء عبر الادعاء بأنه لا يتمسك بالبقاء، على رغم الوقت الذي ضاع بسبب إصرار “حزب الله” على بقائه، فوق الوقت الذي خسره لبنان منذ انتخاب الرئيس ميشال عون بسبب تكليفه جبران باسيل بالتحكم في عرقلة أي إصلاح وتغاضي الحزب عن ذلك لأن الأخير يبيعه الولاء لمشروعه الإقليمي، زيادة على الوقت الضائع لأكثر من سنتين وخمسة أشهر من الفراغ الرئاسي بفعل إصرار الحزب على انتخاب عون للرئاسة. وهي فترة الشغور التي عمّقت الاهتراء في المؤسسات في شكل أدى من بين ما أدى إليه، إلى إدخال نيترات الأمونيوم إلى العنبر الرقم 12 ، كما كشف الرئيس السابق ميشال سليمان أمس.

 

بعد كارثة 4 آب يصعب إحصاء الوقت الضائع على لبنان واللبنانيين، الذي سيضاف إلى الحروب والأزمات السياسية وعداوات الحزب مع العرب، التي تحكمت بمشاريع نهوضه منذ انتهاء الحرب الأهلية.

 

لكن الحزب لا يمانع الآن بالتضحية بالورقة الهالكة منذ اختراعها، والتي إسمها حسان دياب، وفق ما قيل عن أن رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد أبلغ ماكرون بأنه لا يمانع في قيام حكومة وحدة وطنية وأن المشكلة ليست عنده.

 

توهم حسان دياب بأن مناورته أول من أمس بالإعلان عن استعداده للبقاء شهرين كي يتفق الأطراف على البديل، وأنه سيقترح على مجلس الوزراء اليوم إجراء انتخابات نيابية مبكرة، ستطيل بقاءه في السراي الكبير، مراهناً على أن الفرقاء لن يتمكنوا من الاتفاق على الحكومة البديلة، وأنه في أسوأ الأحوال، إذا فرضت الظروف انتخابات مبكرة، يصر عليها الحراك الشعبي قبل أي جهة أخرى، يحتاج الأمر إلى أشهر أخرى، فيبقى هو عالة على الكرسي الثالثة التي ضاقت ذرعاً به. فالمناورة المشتبهة نفسها، لزوم ما لا يلزم، لأن أي اتفاق على تقصير عمر ولاية البرلمان هو من صلاحية مجلس النواب نفسه بقانون يصدر عنه، وليست من صلاحية الحكومة وفقاً للدستور الذي يحصر صلاحية مجلس الوزراء في حل البرلمان، بحالات محددة ليست قائمة في حالنا الراهنة. وما سيفرض البحث في انتخابات مبكرة هو سبحة الاستقالات التي كرت في الساعات الأخيرة من الندوة النيابية، وقبلها دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إليها، فضلاً عن انضمامه إلى الداعين إلى استقالة هذه الحكومة أمس مستخدماً عبارة لائقة ومهذبة بقوله إنها “عاجزة” كي يتجنب إطلاق وصف آخر عليها كمرجع روحي. فالشارع لم يعد يقبل باستمرار الوزراء حتى لو كان ذلك من أجل كنس الزجاج المحطم من الطرقات.

 

أما الوهم بأن الاهتمام الدولي بمأساة لبنان الإنسانية قد رفع الحصار عن الحكم والحكومة و”حزب الله”، فإنه يضاف إلى سجل الأفكار المحزنة لأشاوس الفرقاء الثلاثة من المستشارين والمطبلين. وكما قال الراعي فإن الدول “لم ترفع الحصار عن السلطة الحاكمة، بل عن الشعب اللبناني المنكوب”. وقد تكون نرجسية البعض دفعتهم بوعد أنفسهم بصورة أمام فرق إعادة الإعمار جراء المساعدات التي ستأتي إلى البلد مباشرة إلى المتضررين، لا إلى الحكومة.