IMLebanon

هل يعود فريق العهد إلى رشده؟

 

 

إعتذار العراق عن إستقبال الوفد الحكومي اللبناني، يُعتبر صفعة جديدة للحكم والعهد برمته، الذي أصبح معزولاً حتى عن حلفاء المحور الإيراني الذي زج البلد فيه.

 

حتى الأمس القريب كان ثمة إتفاق عراقي مسبق مع «وسيط الجمهورية» اللواء عباس إبراهيم على موعد الزيارة اللبنانية، بل كانت بغداد تُلح على قدوم رئيس الحكومة اللبنانية على رأس وفد وزاري بحجة توقيع الإتفاق النفطي بين البلدين. وبذل اللواء إبراهيم جهوداً لإقناع الرئيس حسان دياب بأهمية الزيارة، في حين كان الأول يعتبر أن حجم الإتفاقية لا يتطلب مثل هذه الخطوة، فضلاً عن تمسكه بمبدأ تصريف الأعمال في حدوده الضيقة.

 

تأخر الجانب اللبناني في الرد، وما شابه من تردد في إتخاذ القرار، أضاع حوالي الشهرين، كان العراق خلالهما يتجه نحو الأشقاء العرب في منطقة الخليج العربي، ويحاول التحرر من ضغوط المحور الإيراني، أو على الأقل يسعى لإقامة بعض التوازن في العلاقات بين الجيران العرب، والجارة اللدودة إيران.

 

يمكن القول أن الزيارة اللبنانية لبغداد لم تعد مطلباً عراقياً مُلحاً بعدما قطع رئيس حكومة العراق مصطفى الكاظمي شوطاً مهماً في إعادة بلاده إلى الصف العربي، وحصل على مساعدات وتسهيلات إستراتيجية مهمة من المملكة العربية السعودية والأشقاء الخليجيين، وبالتالي كان لا بد أن يُساير الموقف الخليجي المُقاطع للحكم الحالي في لبنان.

 

التأجيل العراقي للزيارة ليس موجهاً ضد الرئيس دياب شخصياً، بقدر ما يُعبر عن الرفض العربي للتعامل مع الحكومة المستقيلة على خلفية اعتبارها تحت هيمنة حزب الله، وهو الموقف العربي والدولي من العهد وحكومته في الاساس.

 

الصفعة الديبلوماسية الجديدة ترافقت مع الإستعدادات المتزايدة في دوائر الإتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع الخارجية الأميركية، لفرض عقوبات على بعض السياسيين اللبنانيين، الذين يُعطلون تشكيل الحكومة الجديدة، لحسابات شخصية وحزبية فئوية، ويعرضون أوضاع البلد إلى مزيد من التدهور والإنهيار.

 

الخطوات الأوروبية المتوقعة لا ينحصر مفعولها على بعض السياسيين وحسب، بل ستطال مفاعيلها المنظومة السياسية برمتها، وخاصة فريق العهد، المتهم رئيسه أساساً بالخروج عن الدستور، وارتكاب ممارسات تُفاقم العقد السياسية التي تحاصر ولادة الحكومة الجديدة، مثل التمسك بالثلث المعطل دون مصوغ قانوني أو حتى سياسي، إلى جانب تجاوز صلاحيات الرئيس المكلف المنوط به وحده، وبناء على تسمية من النواب مباشرة، مهمة تشكيل الحكومة، على أن تنحصر صلاحية رئيس الجمهورية بالتفاهم مع الرئيس المكلف لإصدار مراسيم إعلان الحكومة الجديدة. العقوبات الأوروبية والتأجيل العراقي يرسمان خطوطاً سوداء سميكة حول الواقع اللبناني المتردي، والذي يزداد تردياً وتعقيداً يوماً بعد يوم، بسبب أساليب العناد والمكابرة التي ينتهجها رئيس الجمهورية وفريقه الحزبي، في محاولة يائسة لإخراج رئيس تياره من دائرة العقوبات الأميركية الحالية، والأوروبية المتوقع إعلانها بين يوم وآخر، وإعادة فتح طريق الخلافة له في بعبدا من جديد!

 

لقد فقد الحكم الحالي، ومعه المنظومة السياسية، ورقة التوت أمام الرأي العام الدولي والعربي، بعدما أضاع ثقة الداخل بقدرته على القيام بمسؤولياته الدستورية والوطنية، وأصبح عاجزاً عن إخراج البلاد من دوامة الأزمات المتناسلة التي تتخبط فيها، فضلاً عن التصاقه بالطبقة الفاسدة وممارساتها في الهدر والسرقات، والتي أدت إلى الإفلاس المتفاعل مع الفشل المطبق في تحقيق الحد الأدنى من الإصلاحات وخطوات الإنقاذ.

 

إن إصرار العهد على المضي قدماً في تحدي الإرادة الدولية في تحقيق الإصلاح، وتسهيل إطلاق ورشة الإصلاح من خلال تشكيل حكومة قادرة على العمل والإنجاز، من شأنه أن يقضي على البقية الباقية من مقومات البلد، ويدفع باللبنانيين إلى مهاوي اليأس والقنوط والإحباط، ويبقى وصمة عار في تاريخ هذا العهد الذي أطلق على نفسه تسمية «العهد القوي»، فكانت النتيجة أنه فقد قوته وهو في منتصف ولايته، ولم يستطع أن يُحقق الحد الأدنى من الإنجازات في الإصلاح والتغيير!

 

فهل ثمة أمل بأن يعود فريق العهد إلى رشدهم؟