Site icon IMLebanon

سقوط دياب… أو لبنان

 

نظام حديث لإدارة النفايات، كهرباء 24/24، قوّة مسلحة واحدة تحت سيطرة الدولة، واقتصاد متنام. هي خطة طريق مكونة من 4 محطات أساسية وردت في كلام السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد، خلال زيارتها الوداعية إلى بعبدا. أما الترجمة فواضحة بأن هوية المعطلين واضحة في محطتين: سلاح “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وخطفه كهرباء لبنان.

 

ودعت ريتشارد لبنان وهو عند بداية رحلة انهيار طويلة، قبطانها رئيس الحكومة حسان دياب الذي بدأ يذوب عن وجهه قناع “المستقل” بفعل حرارة الغضب ويظهر الوجه الحقيقي لعازف ضمن جوقة مستهدفي الحريرية السياسية. وبعيداً عن لاعب جديد أُدخل في الوقت بدل عن ضائع، فإن البلاد تدفع الثمن: أولاً اختلال في التوازن السياسي، ثانياً: وقاحة في تجاوزات دستورية وخروج عن اتفاقات، ثالثاً: معارك طائفية لا تخلو من نبش القبور حرّضت اللبنانيين على بعضهم البعض.

 

الاختلال في التوازن السياسي واضح بحكومة كُلف رئيسها من 69 نائباً يتبعون إلى محوري إيران وسوريا، وبوزراء لا تعينهم استراتيجية دفاعية ولا حصر السلاح بيد الدولة، وأكثرية في مجلس النواب موالية للأجندة الإيرانية، وما عجز الدولة عن اتخاذ قرار وقف الرحلات إلى إيران، سوى دليل على سطوة هذه الأجندة، ويضاف إلى ذلك رئيس جمهورية لا يترك فرصة إلا ويدفع فيها فاتورة إيصاله إلى بعبدا. في المقابل إن المجتمعين العربي والدولي (الأكثرية) تواجه تطرّف إيران (أقلية) ونفوذها التخريبي في المنطقة، لتصبح حكومة دياب شريكة في هذه الأقلية بمواجهة الأكثرية الدولية القادرة على مساعدة لبنان.

 

أما في التجاوزات الدستورية وضرب الاتفاقات، فشهدها لبنان خلال تأليف الحكومات والأطماع الواضحة للحصول على مراكز وزارية، وتدخلات في عمل رئاسة الحكومة وتشكيلها، وحصص وزارية لمصلحة رئيس الجمهورية، واستقالات وزراء لمصلحة رئيس حزب، وتأخير استشارات على قاعدة “تأليف قبل التكليف” إلخ..، اما في الاتفاقات فاتفاق معراب الموقع من طرفين كان دليلاً واضحاً على أن “الوطني الحر” لا يمكن الثقة به، وحال الاتفاق كحال التسوية التي استخدمها التيار عصا للحصول على المزيد من التنازلات (تعيينات، حصص، صفقات… ترجمت بالتعطيل).

 

ولم تعد هناك حاجة لتكرار الحديث عن جولات الوزير باسيل الطائفية والتي أدت لحادثة “قبرشمون” وما تبعها من تدخل في القضاء. ومنذ أن دخل لبنان ما يسمى بـ”العهد القوي” لم يكن همّ فريق هذا العهد سوى: ضرب اتفاق الطائف بحجة استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، واستخدام معزوفة “استعادة حقوق المسيحيين” والدفاع عن سلاح “حزب الله”.

 

وتبقى الأزمة محصورة بموقعين:

 

الموقع الأول: رئاسة الجمهورية، فما كان يخشى منه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه يريد أن ينتخب “رئيساً وليس رئيسين (عون وجبران)” قد حصل، وكان رئيس “القوات” سمير جعجع قد سجلها بكلامه الشهير عندما قال: “كل اجتماع مع عون كان ينتهي بـ”قوم بوس تيريز” أي التفاهم مع باسيل”، وثبّته الرئيس سعد الحريري في خطاب “14 شباط” بقوله: اضطررت أن أتعامل مع “رئيس الظل” لأحمي الاستقرار مع الرئيس الأصلي، ولم تخلُ تصريحات رئيس “التقدمي” وليد جنبلاط من انتقاد سياسات “صهر العهد”.

 

الموقع الثاني: لبنان الدولة التي تعيش حكم “حزب الله” المغضوب عليه من المجتمعين الدولي والعربي، وبالتالي قد تكون مرحلة يجرّب فيها اللبناني حكم “حزب الله”… وبالتأكيد سيصل إلى نتيجة واحدة أن حكومة دياب تسلك طريقها نحو السقوط، إلا إذا اختار “حزب الله” اسقاط لبنان معها… والله يستر من الـ”كورونا”.