IMLebanon

اللهجة السعودية ضد إيران: لا حلول في الأفق الرئاسة أولاً… وبركة البطريرك للتمديد أيضاً

فاجأت اللهجة الحادة في الهجوم الكلامي لرئيس الديبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل على الدور الإيراني في المنطقة مسؤولين لبنانيين لم يعرفوا في تاريخهم السياسي الطويل سابقة لخروج المملكة عن أسلوب التحفظ في إبداء الموقف، أياً يكن هذا الموقف. قال الفيصل إن إيران قوة احتلال في المنطقة العربية . مضى زمن التحفظ وتدوير الزوايا وانتقاء كلمات حمالة أوجه. أدرك المسؤولون اللبنانيون هؤلاء أن الآمال على تفاهم أو تقارب في الرؤى والمصالح يوماً ما قريباً بين الرياض وطهران تلاشت. لم يعد لها أساس حالياً على الأقل. قد تعود مبررات هذه الآمال لاحقاً مع تطوّر المفاوضات حول ملف إيران النووي بينها وبين الولايات المتحدة ودول الغرب، وقد تبتعد أكثر من يدري. ما يخشاه المسؤولون عن الأمن في لبنان أن التوافق الإيراني – السعودي يمثل سيبة لمظلة تحمي البلاد من انهيارات تعمّ دول المنطقة، لذلك يشغلهم قلق كامن يعبّرون عنه أحياناً في جلسات مغلقة. لا يتحمّل لبنان أن يتحوّل أرض تنازع بين دولتين إقليميتين شديدتي التأثير فيه مثل إيران والسعودية.

يتوجب التحرك بأقصى سرعة في الهامش المتاح للبنانيين لإبقاء بلادهم في منأى ما أمكن عن ساحات القتال والدم الغزير في سوريا والعراق، واليمن أيضاً الذي كان سعيداً في ماضٍ بعيد كلبنان ولم يعد. أول ما يخطر في أذهان المعنيين في هذه الحال إبقاء الدولة بمؤسساتها بدءاً من مجلس النواب وتالياً مجلس الوزراء. رئاسة الجمهورية يمكنها الانتظار بعد ما دامت الآفاق مغلقة أمام النصاب والانتخاب. كل ما يمكن عمله على صعيد الرئاسة هو الانتظار. انتظار تحرك فرنسي يحتمل أن يقوم به الرئيس فرنسوا هولاند بإرسال مساعدين له إلى طهران لجس النبض مجدداً. لكنه انتظار من غير آمال، فليس في مثل هذه الظروف والأجواء يمكن أن تفكر إيران بأن “تبيع” ورقة رئاسة الجمهورية اللبنانية التي تضعها في جيبها الخلفي. ليس لباريس على الأقل تبيع هذه الورقة. لو كان عرض الشراء من واشنطن لوافقت على الأرجح. وواشنطن لا تريد الشراء. لا يلائمها السعر ربما ولا البائع وشروطه الإقليمية ومطالبه النووية. لذلك تتوالى النصائح من واشنطن للبنانيين بالحفاظ على الأمن والاستقرار، واستمرار المؤسسات الدستورية وممارسة المزيد من الانتظار والصبر.

ولكن إلى متى؟ هل نمدد لمجلس النواب مرة ثانية سنتين وسبعة أشهر، ولاية كاملة لا يقبل الرئيس نبيه بري بنقصانها يوماً واحداً في ظل احتمال أن لا نتفق طوال هذه المدة على رئيس توافقي؟ السؤال طرحه أكثر من سياسي في لقاءات واجتماعات تناولت آفاق المرحلة الآتية وظل بلا جواب.

طبعاً يريد الرئيس سعد الحريري ويسعى ليكون للبنان رئيس جمهورية في أسرع وقت. والأولوية طبعاً لانتخاب الرئيس عند البطريرك الماروني بشارة الراعي. ولكن ما العمل والآفاق مسدودة؟ في الداخل النائب الجنرال ميشال عون لا يتزحزح عن موقفه. “حاضر ناضر” بصرف النظر عن كون موقفه يخدم إيران أو لا. لن يزيده إعلان سحب مرشح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع ترشيحه إلا اقتناعاً بأنه المرشح الأوحد وما على الناخبين جميعاً إلا انتخابه عندما يملّون الانتظار. حيال هذا الوضع المفرمل سعى الحريري إلى غطاء مسيحي لاستمرار المؤسسات الدستورية قيد الحياة انطلاقاً من “أم المؤسسات” مجلس النواب. طلب هذه الحياة الضرورية بل الملحة من البطريرك ونالها لأن الرعية مشت في السياسة، وكلّ لأسبابه المفهومة، على طريق رفض التمديد للمجلس. عون ضد و”القوات” والكتائب ضد. صحيح أن الوزير بطرس حرب ورئيس الاحرار النائب دوري شمعون مع، ولكن لا يكفي. كان لا بد من بركة السيد البطريرك للذهاب إلى التمديد بسلام.

يُدرك رافضو التمديد أن موقفهم هو للمبدأ ولا يمكن تصريفه في الفعل لأن تنظيم انتخابات نيابية في الأجواء الأمنية السائدة مستحيل. لذلك يرفضون التمديد ويقبلون به في آن واحد. لا بل يخشى بعضهم أن يؤدي تأزم العلاقات الدولية فوق لبنان إلى وضع اللاانتخابات رئاسيا ونيابياً وفوقه اللاتمديد أيضاً. سيناريو كابوسي يجعل موقف الحريري أقوى من الإعتراضات والانتقادات الماضية والآتية.