IMLebanon

طاولة الحوار… كلام حقٍ يُراد به باطل  

 

 

لا نقول هذا الكلام لأننا متشائمون، أو لأننا حسب القول: لا يُلدغ المرء من جحر مرتين، ولا لأننا حسب القول الشهير: «يللي بيجرب المجرب بيكون عقله مخرب».

 

طبعاً هناك الكثير من الأمثلة التي تتطابق مع عقلية وأفكار فخامة الرئيس، الذي استفاق في أيامه الأخيرة ليقول بأنه يدعو الى طاولة حوار، هذا الطلب كان يجب أن يكون الخطوة الأولى في بداية عهده، هذا إذا كان صحيحاً انه يريد مصلحة الوطن، ولكن للأسف، فإنّ مصلحة صهره العزيز وكرسي الرئاسة هما العنصران الوحيدان في حياة فخامة الرئيس… والسبب الحقيقي في عدم دعوته الى الحوار في بداية عهده انه لا يريد أن تعود الدولة قوية وقادرة وحَصْر الأمر بيدها وحدها.

 

المفروض أن تكون الدولة هي صاحبة السلطة الوحيدة على الجيش وقوى الأمن الداخلي، لا أن تكون هناك دويلة الى جانبها أقوى منها وهي تملك حوالى الـ150 ألف صاروخ و100 ألف مقاتل، وتحصل على رواتب عناصرها وطعامهم وشرابهم وأدويتهم وكل ما يحتاجون إليه من الجمهورية الاسلامية الإيرانية. وهنا يتضح لنا أنّ الفرس هم قادة دولة، لا عمل لها إلاّ تشكيل ميليشيات طائفية في لبنان وسوريا والعراق واليمن كما أعلن قادتها مراراً. يا جماعة الخير… الملالي يعطون الميليشيات ويموّلونها وكأنّ الميليشيات جمعيات خيرية، وكأنّ إيران جمعية «البر والإحسان». يا جماعة قالها فخامة الرئيس في يوم من الأيام قبل اتفاق كنيسة مار ميخائيل من على شاشة التلفزيون… «يا جماعة… الفرس هاجمونا فانتبهوا جيداً.. إنهم يحضّرون لاحتلال بلدنا».. ولكن بعد اتفاق مار ميخائيل تغيّر فخامته وتبدّلت آراؤه ومواقفه.

 

بكل صراحة ان أفضل رجل سياسي نظيف، صادق ومخلص، كان الرئيس سعد الحريري الذي رد على دعوة فخامته الى الحوار قائلاً: «إن شاء الله بعد الانتخابات النيابية سألبّي الدعوة»..

 

وبالعودة الى الدعوة، وإلى توقيتها يتبيّـن، ان الصهر العزيز صار يعيش في عزلة تامة عن الحياة السياسية، وأنّ الفشل الكبير الذي مُنِيَ به في الوزارات التي تسلمها وخاصة في وزارة الكهرباء لعب دوراً في أن يبتعد عن الحياة السياسية، لأنّ العادة المتبعة هي أن تجري الأمور على هذه القاعدة في حال الفشل.

 

في العامين الأولين، كل الناس كانوا مع العهد، وفي العامين الثالث والرابع نصف الناس ظلّوا مع العهد والنصف الثاني وقف ضد هذا العهد.

 

أما في العامين الأخيرين، فالعودة الى أغنية المطرب الكبير راغب علامة «بكره بيبرم دولابك بيفلوا كل احبابك، وما بيضل من الأحباب إلاّ اللي ما حسبتيلو حساب، قلبي بعدو عحسابك، بكره لوحدك بتضل بالأحلام».

 

فخامته دعا الى الحوار في هذا التوقيت، لأنه شعر انه مع صهره يعيشان في عزلة، فهما بحاجة الى اجتماع مع «رجالات» البلد، علّهما يستعيدان بعضاً من التقارب، وطمعاً بقيام صلات جديدة بين المجتمعين.

 

ولنذكّر ببعض ردود الفعل حول طاولة الحوار هذه. فتصريح دولة الرئيس نبيه بري يكفي لتحديد موقفه حين قال: «المجلس سيّد نفسه» وقوله عند انتخاب فخامته: «لا أريد أن أنتخب رئيسين».

 

أما الدكتور سمير جعجع فإنه يعيش تحت شعار وحيد «لا يريد أي شيء غير ان تجري الانتخابات، لأنها حق مقدّس». أما وليد بك جنبلاط، فليس من مشكلة عنده، فهو «لا مع سيدي بخير، ولا مع ستي بخير»، وهو لا يعرف ما يريد، ولا أحد يعرف ما يريده الزعيم. أما الحزب العظيم، فالتجربة معه كانت سيّئة، تذكرنا بما قاله محمد رعد للرئيس ميشال سليمان: «انقعه واشرب ماءه».

 

إنّ طاولة الحوار التي دعا إليها فخامته، كلام حقٍّ يُراد به باطل.

 

أما بالنسبة للصهر «المدلّل»، فإنّ القول: «على من تقرأ مزاميرك يا داود» ينطبق عليه تماماً، فهو فقد الصدقية تماماً، وتبقى «أعمال» فخامته وصهره «عناوين» ممهورة بالفشل، لا يمكن أن يمرّ الناس بها مرور الكرام، لا من خلال طاولة حوار ولا من خلال دعوات «يُراد بها الباطل»، لأنّ الشعب اللبناني سوف يحاسب وبقوة، أولئك الذين ارتكبوا جريمة العصر التي دمّرت القطاع المصرفي اللبناني وقضت عليه.

 

ونذكّر بأنّ التاريخ لا يرحم… وسيعرف مرتكبو الجرائم أي منقلب سينقلبون. وإنّ غداً لناظره قريب.