IMLebanon

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الأحد الماضي في العشرين من تشرين الاول الجاري كان يوم «اعتماد» الاتفاق النووي الذي وقع في تموز الماضي بين الغرب وإيران. وهو يأتي بعد 90 يوماً على صدور القرار 2231 المتصل بالاتفاق النووي عن مجلس الامن الدولي في 20 تموز.

الاتفاق يأخذ مساره، ومنذ يوم الاعتماد سيجري الطرفان الغربي والإيراني الخطوات التنفيذية المطلوبة منهما. لعل في مقدمها تحضير النصوص التي تقول بوقف العقوبات من ناحية الأميركيين والاوروبيين، ثم توقف إيران عن العديد من الانشطة النووية في معاملها وفي مجال التخصيب، ويجب في المرحلة المقبلة ان تتأكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الالتزامات الايرانية ومن أنها نفذت بالكامل.

وهذه التحضيرات كلها، من أجل بدء تطبيق الاتفاق، والمتوقع نهاية هذه السنة او بداية السنة الجديدة 2016. ويعني بدء تطبيق للاتفاق ان العقوبات على ايران المتصلة بالنووي سترفع بالكامل. في حين لن ترفع العقوبات عليها ذات العلاقة بالصواريخ البالستية، وحقوق الانسان، والارهاب وهذه تمتد لما بين خمس الى ثماني سنوات. فقط سترفع العقوبات المتصلة بالنفط كمسألة اساسية.

يوم «الاعتماد» يعني بداية العملية بموجب الاتفاق النووي والقرار 2231. سياسياً لا يعني الأمر شيئاً، ولا حتى عملياً. ايران حتى الآن لم تقم بالإجراءات اللازمة لبدء التطبيق، إنما من الآن وصاعداً ستقوم بتلك الاجراءات على سبيل فكفكة أجهزة الطرد والانتهاء من مخزون اليورانيوم. ويجب ان تتأكد الوكالة من تنفيذ الالتزامات قبل يوم التطبيق، الذي يمهد له يوم الاعتماد. الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يقومان الآن بإقرار النصوص القانونية المتصلة بتنفيذ الاتفاق لكي تدخل حيز التنفيذ عند التطبيق المتوقع نهاية السنة.

بدء التطبيق يعني رفع العقوبات عن إيران مقابل تنفيذها الاجراءات المطلوبة. وهنا يكمن التغيير، وتكمن احتمالات ان تكون له آثار سياسية، وايران تريد انهاء تلك الاجراءات بسرعة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية متابعة. اذ ان من مصلحتها التسريع في ذلك، لرفع العقوبات ايضاً بسرعة.

ولا يعني الاتفاق وخطوات تنفيذه، ان الغرب سلّم المنطقة الى ايران. ذلك يعني ان الطرفين الغربي والايراني حلا مشكلة النووي، ووضعا الملف جانباً. وفي الوقت نفسه، هناك تمنٍّ على ايران، ان تتعاون ايجاباً في ملفات المنطقة. الغرب يطلب من ايران ما يلي: دعم اصلاحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وان تساعد على انجاز حل سياسي في سوريا، وفقاً لوثيقة جنيف. كل ذلك مطلوب منها لكي يتمكن اعتبارها انها تتعامل ايجاباً مع مواضيع المنطقة. في المقابل ايران، لا تزال تتمسك ببقاء الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه في سوريا، وفي العراق تريد ان تستمر سيطرة الميليشيات الشيعية مثلما كان الوضع ابان تولي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مقاليد الوزارة. وتريد ان ينتخب مجلس النواب اللبناني، رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النيابي النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية. والحلول، والحوار حول الحلول، لم تبدأ بعد، وهي التي يفترض ان تنطلق من ايجاد حل وسط بين الموقفين.

والخلاصة من كل ما يحصل ان هناك معارك بين الاطراف في المنطقة، وفي هذه الحالة لن تحاور ايران قبل ان تحقق مكاسب على الارض، ويساعد في هذا التوجه، الدور الروسي الجديد في روسيا، حيث تنتظر ايران نتائجه على الارض لرفع سقف موقفها في التفاوض عندما يحين اوانه. ايران قد تكون ميالة الى الاعتبار ان الازمة السورية انتهت من جراء التدخل الروسي. لكن روسيا في سوريا تحقق تقدماً بطيئاً وقد تحقق انتصارات على المدى القصير، انما على المدى البعيد، ليس هناك من ضمانات في اي اتجاه لا سيما وان الدول الداعمة للمعارضة السورية ستعاود دعمها لها مجدداً.

لذلك، من غير الواضح منذ الآن ان التدخل الروسي سيفرض وقائع جديدة على الارض تؤثر على التفاوض. في العراق يوجد حالياً بين الاطراف، سواء السلطة او الاحزاب، حول من نجح اكثر في قتال «داعش»، وهناك ضغوط على العبادي في هذا المجال. اليوم هناك فكرة مطروحة حول حوار اميركي روسي سعودي ايراني.

الاطراف اللبنانية القريبة من ايران رفعت سقف خطابها، وهذا يشكل تصعيداً مربوطاً مباشرة بالوضع السوري، وتعويل على التدخل الروسي في سوريا. وهذا ايضاً يعبّر عن ان الحوار الخارجي لم يبدأ بعد، وان المحاور ومعارك هي الطاغية على ملفات المنطقة. مع ان الحوارات الداخلية مستمرة ولن تنقطع.

حالياً، هناك اجراءات لبناء الثقة بين الغرب وايران. التجربة الصاروخية الايرانية قد لا تتكرر. انها لا تقع ضد الاتفاق انما مخالفة للقرارات الدولية. ولا تعتقد المصادر ان ايران ستكمل على هذا المنوال وتعرض الاتفاق النووي للخطر.