IMLebanon

الحوار والغائبون والعجز  

لسنا نعرف ماذا يمكن أن ينتهي اليه حوار يغيب عنه سعد الحريري وميشال عون وسمير جعجع وسماحة السيّد حسن نصرالله. صحيح أنّ الغياب أنواع. فهناك من يغيب من حيث المبدأ لعدم ثقته، أساساً، بقدرة هذا الحوار على التوصّل الى نتيجة. وهذا ينطبق على الدكتور سمير جعجع. وهناك من يتغيب لأسباب أمنية وهذا ينطبق على الأمين العام لحزب الله والجنرال عون. وهناك من هؤلاء الأربعة من يغيب لأن أحد الثلاثة الآخرين لم يحضر وهذا ينطبق على الرئيس سعد الحريري الذي نشر (منسوباً إليه) انه أبلغ الى الرئيس نبيه بري أن حضوره مشترط بحضور سماحة السيّد حسن نصرالله.

تعدّدت الأسباب والغياب واحد…

فأي قضايا اساسية يمكن أن تُبت في غياب هؤلاء الأربعة الذين قد يكون في استطاعة ممثلي بعضهم القدرة على القرارات السلبية، ولكن يتعذر عليهم إتخاذ قرار إيجابي بالموافقة على هذا البند أو ذاك ممّا يكون مطروحاً على جدول أعمال الحوار… علماً أن جدول الأعمال هو، في حد ذاته، مدار خلاف بين السلّة والـ«لا سلّة»، وحتى إذا كانت سلّة (وهذا مستبعد) ماذا سيكون فيها؟ وماذا يجب ألا يكون! وفي حال التوافق (جدلاً) على السلّة وعلى مضمونها من البنود يبقى الخلاف على اي بند يتقدّم على سواه في أولوية المناقشات.

الرئيس نبيه بري دعا أهل الحوار الى »دوحة لبنانية«. والكلام واضح: يا اخوان بدلاً من أن ننتظر المنّ والسلوى من الآخرين فلماذا لا تكون المبادرة لبنانية؟

هذا الكلام واضح جداً خصوصاً أن الخارج غير مهتم بنا، في هذه المرحلة، إلاّ بما يبقينا رهائن اللحظة السياسية السورية، والأميركية، والسعودية والإيرانية (…) حتى إذا أزفت هذه اللحظة، وهي لن تزف في المستقبل المنظور، أفرج الخارج عنّا من أسرنا، جزئياً، بأن يمنحنا حداً أدنى من الحرية في إنتخاب الرئيس الذي يختارونه لنا وليس في أن يختار القوم عندنا من يتفقون، أو يتوافقون، عليه. فهذان الإتفاق والتوافق ممنوعان، ومع إحترامنا (تكراراً) لطاولة الحوار والمتحاورين، وأيضاً المتحاورون بوساطة ممثليهم، وكذلك المقاطعون… مع إحترامنا لهم جميعاً فإن حوارهم لن يوصل الى نتيجة.

نقول هذا الكلام، ونكتبه، ليس إنتقاصاً من قدر المبادرة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري… بل كي لا تصدمنا النتيجة. فالأيام الثلاثة التي تنتهي يوم غد الخميس، لن تصل الى التوافق على رئيس للجمهورية لا إنتخاباً في المبدأ ولا شخصاً في التفصيل. وما لم يتم مثل هذا التوافق يكون الحوار مراوحة في المكان ولكن ليس في الزمان الذي كلما تقدّم بنا نأى كرسي الرئاسة بعيداً، وغرق لبنان أكثر فأكثر في عمق الفراغ.

هل هذا يعني أننا ضد الحوار؟

كلا! إننا مع هذا المبدأ، ونقدر لدولة الرئيس نبيه بري إهتمامه الكبير، ودأبه المتواصل، وسعيه المستمر… ولكن العقدة ليست في الداخل، وإلاّ لكان من البساطة في مكان والسهولة أيضاً أن يلتقي القوم ليطلعوا برئيس للجمهورية في فترة زمنية قصيرة.