IMLebanon

حواران يستهدفان تكوين  رأس لرئاسة الجمهورية

هذا الحوار الذي يبدأ على جبهتي تيّار المستقبل – حزب الله، وتتأهب له جبهة أخرى، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لئن كان هذا الحوار لم يبدأ بعد على الجبهة الثانية فان ذلك ينتج عنه بعض الدلائل التي تُشير إلى مزيد من المصاعب والمتاعب والعراقيل التي حالت حتى الآن دون المباشرة العلنية والحقيقية، للحوار الثاني الذي لا اتفاق فيه ولا إعلان عن تكوين لرأس الجمهورية الجديد، ولا يؤثر على هذا الرئيس لجهة أن يكون العماد عون؟ أم يكون الدكتور جعجع، او من يجيء بينهما وسطاً أو وسطياً، لطالما تم رفضه من الفريقين وما زالا يناوران بشدة حول نقطة الرفض او القبول ومثل كل منهما على الآخر تارة بهذه اللغة وطوراً بتلك، ويبدو أن عملية الرفض سوف تستمر.

لئن كان تيّار المستقبل وحزب الله قد بدءا في اعلامهما يدليان بكثير من آفاق وركائز الوفاق المنتظر، مبتدئاً بعض ملامحه واسسه المجزءة والمقتصرة بداية على الاساسيات الحوارية التي انتفخ كيانها وأعضاء الحركة والتحريك ووسائل التقريب والتبعيد والتلطيف والتبريد فيها، فلا يعني ذلك إطلاقاً ان الحوار الذي بدأ هنا ولم يبدأ هناك، منذ أخذت بداياته تدل على اثار من المن والسلوى تطغى على وسائل التذوق فيه، وعلى ما يماشيها ويعادلها من وسائل السمع والبصر، فلا يعني ذلك على الإطلاق، استكمال الوسائل الحوارية بما يعادل، كماً ووزناً ونوعاً في موقع النتائج الحوارية الآيلة الى إعادة الأوضاع في البلاد إلى تمركزها الثابت والنهائي. فإذا كان الساعون للخير يهدفون الى التبريد قدر الامكان من غليان الاحتقان السني – الشيعي بالرغم من كل الجهود الدافعة بالنجاة، وبأن كل أولئك الدافعين لم يصلوا بعد الى حدّ إزالة الاحتقانات التي كونها تجيء إلى ساحة الواقع قائمة على اسس مجردة عن ركائز الحقيقة والواقع المجرد.

فها هو الجنرال عون ما زال مصراً على ما يبدو أن تكون السدة الرئاسية من نصيبه وأن يتمكن من إعطاء الدكتور جعجع من طرف اللسان حلاوة بما يمكن أن يكون بديلاً له في أفضل الأحوال، ولا مانع لديه من ان يبقى هذا اللقب وهمياً بعيداً عن التحقيق حتى ولو استمر معلقاً على حبال الامال والأوهام، فالجنرال متشبث بهذا الموقع المفصلي المشع بأضواء الزعامة والرئاسة، الأمر الذي يدل على ان حقيقة المعضلة تكمن في مكان آخر أكثر حدة وحساسية والسلطة التي يصعب لوحدها ان تحول ما بينه وبين خيوطها مع الإشارة الى أن كلاً من الجنرال وحزب الله متعلقان بشدة بموقعهما الحالي، المتكاتف والمتشابك، فلا يمر يوم الا ويبدي كل منهما، نماذج كلامية عن هذا التلاحم الذي فرضته أوضاع وظروف كل منهما وأحوال الصراعات الدولية والاقليمية المحافطة بما حولها وإن كان هناك كثيرون ممن يأبون على قناعاتهم الحقيقية والدفينة ان حزب الله يمكن في وقت من الاوقات ان يوافق قولاً وفعلاً وحقيقة على أن يكون الجنرال رئيساً للبلاد وكثير غير الحزب وغير إيران لا تتقبل قناعاتهم ان يكون الجنرال هو الرئيس الذي ترسي الرئاسة بالنتيجة لتجثو امام ناظريه وبين يديه، ولكل من هؤلاء أكثر من سبب وأكثر من تجربة تؤدي إلى هذه النتيجة، وليس من الحظ الرئاسي للجنرال، ان يكون خصمه الأوّل في التنافس على الترشيح، هو الدكتور جعجع المصر على المخاصمة والمشاكسة من خلال مبدأ انا أو لا أحد، وهما مهما ليّن كل منهما موقفه تجاه هذا الموقع، فهو لم يصل في لينه إلى حدّ التنازل عن الموقع الرئاسي إلى الحكيم، بحيث تقتصر إمكانية التنازل إلى شخص آخر يجد الدكتور جعجع ان تكون مواصفات الرئاسة متوفرة لديه بينما الجنرال عون، ما زال يحمل جملة من الشعارات المستمر بها ويعتد وفي طليعتها شعار انا أو لا أحد، ونحن انفسنا قبل أيام من بدء الحوار العوني – القواتي امام احتمالات متعددة الوجوه تبدأ بالتساؤل المبدئي المتأرجح: هل ينعقد مؤتمر الرابية أم يلبث حبيس مرحلة الاحتمال وإمكانية الاختفاء؟

 اما الحوار الآخر.. حوار حزب الله وتيار المستقبل، وبالرغم من انه قد شد رحاله واطلق جزءاً من حواره إلى الوجود، وصدر عن بعض فريقيه جملة من الأقوال والمواقف الإيجابية «تبشر» به وتلوح بإيجابيات مرتقبة لجدواه، وأكثر من عبر عنها الرئيس برّي، عرّاب المؤتمر الحواري بتفاؤل وضعه في مراتب عالية من مراتب النجاح والتقدم، ويماشي البعض دولته في توقع بعض الإيجابيات وإن وضع معظمها في إطار تلطيف وترطيب الأجواء السنية الشيعية والامساك بمكابح الاضطراب إلى الحد الذي يمسك بها من الأماكن المؤثرة التي تمنعها من التفلت والاندفاع في المجابهات غير المحسوبة، خاصة وأن الابقاء على المواضيع الحوارية الأساسية كموضوع الإبقاء على سلاح المقاومة دون أية ضوابط ودون أية قيود مسؤولة تطاوله من خلال سلطة الدولة، وكموضوع قفزة الحزب المسلحة والمقاتلة الى سورية ومجابهتها المستمرة من قبل الشعب السوري الذي بات يجر إلى لبنان جملة من المخاطر التي تبتدئ بالتشنجات المذهبية لأسباب مختلفة وغير مبررة ويمكن ان تدخل لبنان واللبنانيين في شتى أنواع المتاهات والمطبات وقد بدأنا نتلمس انواعاً متعددة منها سواء في الداخل اللبناني أم في المدى العربي والإسلامي الواسع.

يعمد تيّار المستقبل إلى تقريب الحوار ضمن أطر الممكن والظروف القائمة وذلك من خلال حصره في المرحلة الحالية بموضوع رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية. موضوعان يمكن التداول بشأنهما في إطار صغير معادل لاجتماعات المجلس النيابي ومجلس الوزراء وليس في إطار المؤتمرات الحوارية الوطنية الشاملة الأكثر اتساعاً واثراً ويبقى ان تكون الحسنات والايجابيات الناشئة عن الحوارين المذكورين تزيد على حصرها بمؤتمرين مذهبيي الطابع يشغل مقاعدهما المتباعدة متحاورون حول مواضيع غير قابلة للتحاور وإيجاد الحلول لها، الا من خلال تقطيع الموضوع الحواري الشامل إلى رؤوس حوارية متعددة مطعمة بالمهدئات والملطفات.