Site icon IMLebanon

الحوار والمقايضة.. للتفجير أو الانفراج؟!

حدثان مختلفان في الشكل، وعلى علاقة وثيقة بالمضمون، استقطبا اهتمام اللبنانيين ووسائل الاعلام كافة، لما لهما من انعكاسات على الساحة اللبنانية، يمكن ان تكون ايجابية بذات النسبة اذا كانت سلبية، بما يعني ان الاوضاع الداخلية قد تشهد انفراجاً.. اذا كانت النتائج ايجابية، وتوتراً ومزيداً من الشحن اذا اتت النتائج سلبية.

الحدث الاول الذي يصعب تأكيد نتائجه الآن، هو الموقف الذي سوف يعلنه رئىس الحكومة الأسبق سعد الحريري بعد ست ساعات من كتابة هذا المقال، للزميل مارسيل غانم عبر برنامجه كلام الناس، حول الموافقة او عدمها على لقاء حواري مع حزب الله، لتلمّس امكانية التفاهم، من دون شروط مسبقة، على موضوع واحد يدور على انتخاب رئيس للجمهورية، او يفتح باب الحوار على مصراعيه لمناقشة كافة القضايا الخلافية العالقة بين تيار المستقبل وحزب الله، انما ما يمكن قوله سنداً لمعلومات متداولة ان الفريقين على استعداد لبدء حوار هادىء وايجابي، قد يصل في نهايته الى ما يرضي الرأي العام اللبناني، خصوصاً بعد الموقف الايجابي جداً الذي اعلنه سفير المملكة السعودية في لبنان علي عواض عسيري، من ان بلاده تدعم وتؤيد أي حوار بين جميع الافرقاء وليس بين تيار المستقبل وحزب الله فحسب، واطلق نوعاً من التوبيخ المحبب، عندما دعا جميع الافرقاء «الى الانتباه الى بلد اسمه لبنان»، مسقطاً بذلك كل ما كان يشاع وتتهم به السعودية، عن رفضها او تشددها ضد اي حوار مع حزب الله، ويكون بذلك قد رمى الكرة في ملعب ايران والحزب بتحفيزهما على الاعتدال واخذ خطوات ايجابية لترييح لبنان وتخفيف التوتر السياسي والمذهبي الذي يسيطر حالياً على لبنان والمنطقة.

الحدث الثاني، هو الهزّة التي احدثها حزب الله، في الأمن والسياسة، وفي سيادة الدولة، عندما نجح حيث فشلت الدولة، في مقايضة سجين له لدى مسلّحين في سوريا، بأسيرين سوريين عنده، بعد ثلاثة اشهر من التفاوض السرّي بينه وبين المسلّحين، وثورة اهل العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» منذ اكثر من خمسة اشهر، ما اوقع الحكومة والمسؤولين عن ملف المخطوفين في حيرة وحرج شديدين، وربما ضياع يتجاوز حدود الضياع الحالي والارباك اللذين تتخبّط بهما الحكومة، وقد اسرّ احد الوزراء المعنيين بملف الجنود المخطوفين امام حلقة ضيقة من اصدقائه، ان الحزب تفرّد بخطوة التفاوض والمقايضة، وانه يخشى ان تتشدد التنظيمات الارهابية بمطالبها، بما يعيد التفاوض الصعب المرير معها الى نقطة الصفر، ما يسبب عودة التوتر الامني الى الواجهة، اغلاقاً للشوارع والطرقات، واحراقاً للدواليب وغير الدواليب، وتعطيلاً اجبارياً لمساعي الحوار التي يقوم بها الرئىس نبيه بري، وفي هذه النقطة بالذات تبرز العلاقة الوثيقة بمضمون الحديث السابق ذكرهما.

في المقابل نقل عن اوساط قيادي وسطي استغرابه للحملة التي تشن على حزب الله، بسبب خطوة المقايضة التي قام بها، معتبراً ان حزب الله، منسجم مع نفسه الى اقصى الحدود، فهو متمسك بالمقاومة التي لم يستأذن احداً بها، ويقاتل في سوريا منذ سنوات بقرار ذاتي منه، ومصمم على البقاء في سوريا حماية لطائفته، ولكل لبنان، على ما يقول، وبالتالي هو ملزم بحماية عناصره اذا تعرضوا للاسر، وستبقى الامور على هذه الحال، طالما ان الحزب يعتبر ان الدولة عاجزة لوحدها عن مواجهة التنظيمات التكفيرية، وعلى الرغم من ان القيادي الوسطي، وفق اوساطه غير مقتنع بمواقف الحزب، وغير موافق على انغماسه في احداث سوريا، الا ان الواقعية تفرض عليه التعامل مع الامر بهدوء وعقلانية، ومحاولة الاستفادة عملياً من خطوة الحزب لتحرير ابنائنا العسكريين من قبضة الاذلال والارهاب، عن طريق المقايضة التي تعيدهم الى عائلاتهم، من جهة وترتاح من الارهابيين في سجونها من جهة ثانية، محذراً بأن التطويل في بتّ ملف المخطوفين يوقظ الخلايا النائمة في بعض البلدان والمدن، وخصوصاً في المخيمات الفلسطينية، وعلى الاخص مخيم عين الحلوة، الذي تحول في جانب منه الى بيئة حاضنة للتكفيريين، خصوصاً بعد لجوء شادي المولوي وبعض عناصره اليه، اضافة الى الشيخ احمد الاسير، وفضل شاكر، والشيخ خليل حبلص.