بلغ الإحباط دركاً من فشل محاولات لوقف الحرب الأهلية في سوريا. لا انتصار عسكرياً ولا اختراق ديبلوماسياً. صار زعماء هذا العالم يضربون أخماساً لأسداس في سبل وقف كبرى مآسي الإنسانية مطلع القرن الحادي والعشرين. يتصورون بلافتة: ماذا يقتضي الأمر؟ استنفدوا الكثير من الوسائل والأدوات إلا اثنتين: حواراً مع نظام الرئيس بشار الأسد وقراراً من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
جاءت من الفضاء الصور الأكثر قتامة لما آلت اليه حال سوريا بعد أربع سنوات من الحرب. تقلصت نسبة الإضاءة في هذا البلد بنسبة تصل الى ٨٣ في المئة بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٤. تغرق مساحات شاسعة في الظلام ليلاً، ليس فقط بسبب انقطاع الكهرباء. هجّرت الحرب أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو ٢٠ مليون نسمة. يصل عدد اللاجئين السوريين الى زهاء أربعة ملايين شخص في دول الجوار: تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. تتفاوت التقديرات لعدد الضحايا بين ٢٢٠ ألفاً و٣٠٠ ألف قتيل. حدث ولا حرج عن الخراب. قبل هذه السنوات الأربع، كان هناك بلد اسمه سوريا. قطعت الحرب أوصاله. فككت نسيجه الإجتماعي. صارت سوريا مرتعاً لأمراء الحرب وزعماء العصابات، أرضاً خصبة للمجاهدين والمقاتلين الأجانب. لم يعد مهماً كل التراشق بالإتهامات. لن تتغير المعادلة بالتساؤلات عما إذا كانت سوريا انفجرت من الداخل، أو أن الخارج هو الذي فجرها. كيف يمكن وضع حد لهذه الدوامة؟
“ماذا يقتضي الأمر” هو “هاشتاغ” الحملة التي أطلقتها الأمم المتحدة وشعارها. انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي صور الأمين العام بان كي – مون وغيره من المسؤولين الدوليين وزعماء الدول وقادة الرأي العالمي وهم يرفعون هذه اللافتة. كأنهم ينشدون وقف النزف بأي ثمن.
يوافق الجميع على أن الحرب هذه لن تنتهي باستسلام طرف وانتصار آخر، بل بحلّ سياسي تفاوضي. كانت الجولة الأخيرة من المعارك في حلب دليلاً على أن أي طرف لا يمكنه حسم الحرب. فشلت هناك حتى الخطط المتواضعة لـ”تجميد القتال” للمبعوث الدولي ستيفان دو ميستورا. على رغم بعض المكابرة من المسؤولين السوريين بمن فيهم الرئيس بشار الأسد وقادة قوى المعارضة المسلحة، ظهرت أخيراً مؤشرات لكون المتحاربين – باستثناء المجاهدين والمتطرفين – تعبوا من القتال. لم تعد دول المنطقة قادرة أيضاً على تحمل أعباء هذه الأزمة. على رغم النفوذ الذي تحظى به السعودية وقطر وتركيا، وكذلك الولايات المتحدة والدول الغربية، لدى أطراف المعارضة.
لا خلاف في المجتمع الدولي على أولوية دحر “الدولة الإسلامية – داعش” والقضاء عليها. هناك اجماع أيضاً على إطلاق عملية سياسية انتقالية وفقاً لبيان جنيف في ٣٠ حزيران ٢٠١٢. يعتقد ديبلوماسيون أن الحوار مع الأسد قد يكون مجدياً كي تقنعه طهران وموسكو بالتخلي عن “وهم البقاء في السلطة”.
ثمة ضرورة في الحالين لقرار تحت الفصل السابع.