Site icon IMLebanon

الحوار والفراغ

أعطى الموقف الأخير للعماد ميشال عون مساحة جديدة وفرصة ممكنة أمام جلسة الحوار الوطني الثالثة، للدخول في آلية عمل واضحة المعالم وقادرة على إنضاج الظروف السياسية الملائمة، للخروج من الدائرة المفرغة، كما من دوّامة المراوحة التي تعيشها المؤسّسات، وخصوصاً مجلس الوزراء، وذلك مقابل تنامي الحراك المدني ودخوله مرحلة مختلفة من حيث الأداء والعناوين عن المرحلة السابقة. وقد قرأت مصادر وزارية في هذا الجو المهادن من قبل مكوّن أساسي في الحوار الدائر في ساحة النجمة، فرصة للبحث في اقتراحات عملية تؤمّن المقاربة الصحيحة لمجموعة الأزمات المطروحة أمام الحكومة في الدرجة الأولى، كما أمام المجلس النيابي، والتي أدّت إلى تفاقم غضب الشارع يوم الأحد الماضي، مع العلم أن مناخ الإحتجاج لم يقتصر فقط على وسط بيروت، بل امتدّ في الفترة الأخيرة إلى أكثر من منطقة، وذلك لجهة استمرار الرفض من قبل الأهالي في قرى عدّة لحظة الوزير أكرم شهيّب بشأن معالجة أزمة النفايات.

وأكدت المصادر الوزارية نفسها، أن الحكومة التي تقف أمام تحدّي تجميد هذه الخطة، لم تعد قادرة على الإستمرار في الإنتاجية في أي جلسة مرتقبة بعد العطلة، فيما لو استمرّ تعثّر تطبيق الخطة المذكورة في الشارع. واعتبرت أن الأفكار المطروحة في سياق الإتصالات المتعدّدة الأطراف والجارية منذ أكثر من أسبوع، قد أفسحت المجال أمام فتح كوّة في المراوحة القاتلة، من خلال التعاطي المرن معها من قبل المعنيين، ولا سيما العماد ميشال عون، الذي وإن دعا مجدّداً إلى إعادة السلطة إلى الشعب «مصدر السلطات»، فقد ترك في الوقت نفسه، أمام المبادرة السياسية الأخيرة التي تضطلع بها أكثر من مرجعية نيابية، للوصول إلى تفاهم حول استعادة العمل الحكومي وطي صفحة الخلاف حول التعيينات الأمنية.

وفي الإطار نفسه، ركّزت المصادر الوزارية ذاتها، على حساسية اللحظة السياسية الداخلية، لافتة إلى أن استمرار التشنّج على الساحة السياسية قد بات ترفاً لا تستطيع الساحة اللبنانية تحمّل تبعاته وتكاليفه على أكثر من صعيد، خصوصاً وأن تصاعد الحراك المدني قد أوحى بأنه لن يتوقّف قريباً، كما أنه نجح في وضع حدٍّ زمني فاصل بين ما قبله وما بعده. وبالتالي، فإن الإنفتاح والإيجابية، لم يعودا كافيين للنهوض بالأعباء العديدة الماثلة في الشارع اليوم، وبات الوضع يتطلّب تحرّكات وخطوات عملية، يضع خلالها كل المعنيين خلافاتهم السياسية جانباً، وذلك لتمرير المرحلة الراهنة بالحد الأدنى من الكلفة والخسائر، للوصول بالحوار الوطني إلى مستوى تحقيق بعض الإنفراجات، على الرغم من كل القراءات المتشائمة لأكثر من جهة مشاركة فيه. وأوضحت أن مجرّد جلوس كل القوى مجدّداً على هذه الطاولة، في جلسة جديدة، مؤشّر على أن ستاتيكو الحوار الوطني هو الوحيد المتاح اليوم، كونه يخفّف من أي تداعيات خطيرة وسلبية للتردّي العام.

وكشفت المصادر نفسها، أن الساحة الداخلية أمام أكثر من تحدٍّ، وذلك بسبب استمرار التصعيد على الساحة الداخلية، لأن كل المعطيات قد تغيّرت على أكثر من صعيد في الصراعات الدائرة في المنطقة. ومن هنا، فقد بات من الملحّ التحسّس من قبل كافة القيادات في فريق 8 و 14 آذار بالأخطار الخارجية الداهمة، وذلك عبر التسلّح بالوعي، والتمسّك بالفرصة اليتيمة التي منحها الحوار الوطني للجميع بهدف الخروج من الدائرة المفرغة التي باتت تدور فيها كل الأطراف من دون استثناء.