Site icon IMLebanon

الحوار والرئيس التوافقي

كلّنا مع الحوار. مع هذا الحوار الثنائي في عين التينة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”. وإن كان بعض المتضرّرين يحاول سلفاً تجريده من الأهميّة، ومن الإنجازات السياسيّة والوطنيّة الكبرى التي يمكنه تحقيقها.

فضلاً عن أن هذا الحوار بالذات قد أوحى إلى الناس أن مبدأ اللجوء إلى الحوار في الخلافات والأزمات الكبرى من شأنه أن يوفّر على اللبنانيّين الكثير من أضرار احتقان الخصومات والانقسامات، وما إلى ذلك. شاءَ المتضرّرون أم أبوا.

هذه الصورة الحقيقيّة مأخوذة لحوار عين التينة بالأبيض والأسود، تأكيداً لإيجابيّات هذا الحوار الذي استطاع في مرحلة زمنيّة قصيرة تزويد لبنان كميّة لا بأس بها من الهدوء والتروّي، مع نفحة من الأوكسيجين والقليل من التفاؤل غير الحذر.

ليس مطلوباً من هذا الحوار، الذي يرعاه الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري بعناية فائقة، أية عجائب أو معجزات في وضع لبنان عربي إقليمي اختلط فيه الحابل بالنابل، وتالياً تفلحه الحروب والمعارك والمذابح والحرائق كما لم يحصل في أي زمن.

المطلوب هو ما يحصل تماماً. وما متوقّع حصوله لاحقاً. وما يحقّق للبنان النأي الفعلي والعملي عن هذا الجحيم البركاني الذي يلتهم كل ما يصادفه في طريقه، من بشر وحجر وشجر.

استناداً إلى ما أُنجز وتحقّق حتى الآن، على المستويين السياسي والأمني ومن حيث الحواجز النفسيّة و”الميدانيّة”، يمكن الإدعاء أن الحوار استطاع فتح كوّة متواضعة في جدار الخصومة الحادة، لتمرّ عبرها التفاهمات والاتفاقات… ولو على دفعات.

وما يُنتظر من هذا الحوار بالذات هو مكمِّل لما بدأه، إلا أنه يُعتبر هو الهدف الأهمّ والأسمى، وخلاصته التوصل إلى تفاهم على رئيس توافقي يملأ الفراغ الذي يحتلّ المنصب الأوّل، ومعه القصر الجمهوري، بالإضافة إلى الدولة والمؤسّسات.

وقد بدأ الكلام المباح في هذا الصدد، من غير أن يدرك شهرزاد والمتحاورين الصباح فيسكتوا عن الكلام المباح.

ليس صحيحاً أن كل الأوراق والخيطان والحرية في أيدي المتحاورين، ولا علاقة لهذا الخارج أو ذاك بموضوع الاستحقاق المعطَّل منذ عشرة أشهر.

لقد سبق لنا أن أشرنا في “نهاريات” خصِّصت للمشكلة الرئاسيّة وتعقيداتها إلى الدور الكبير لـ”النووي الإيراني” والعلاقات بين واشنطن وطهران وبين طهران والرياض.

وهذا “الدور” لا يزال جاهزاً وحاضراً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وعلى رغم ما يتردّد عن اقتراب موعد إعلان “تفاهم ما” في هذا الشأن بين أميركا وإيران، فليس من الحكمة القول فول قبل أن يصير في المكيول.

في هذا الوقت يتولّى الحوار تهيئة الأجواء و”تجهيز” الظروف الملائمة للرئيس التوافقي.