فتح الجرح الاشوري النازف مؤخراً في سوريا هشاشة الوضع المسيحي العام في لبنان والشرق بحيث بات كل شيء مستباحاً ولا حدود دولية او اقليمية لابادة شعب بأكلمه يمثل اصل الشرق وحضارته وثقافته، ولم يكن الاشوريون المسيحيون في العراق وسوريا بعيدين عن هذا المسار الدراماتيكي الا انهم تشبثوا بأرضهم حتى الرمق الأخير فيما الخوف والرعب يتملك دون ادنى شك باقي الطوائف المسيحية وخصوصاً في لبنان، وكل من يتشدق ببعده عن تجرع الكأس المرة هو واهم وتستلزمه الرؤية ذلك ان رياح البغض والتكفير آتية لا محال على حصان اميركي ـ اوروبي وفق جهل تام من شعوب الغرب الذين يتلهون بمسائل المثلية وبيع الكنائس وتحويلها الى ملاه.
ويشرح وزير وسطي سابق مسألة بقاء المسيحيين في الشرق وفق خلفية وحيدة: الاتكال على انفسهم ووحدتهم فقط دون الالتفات او التعويل على الشرق او الغرب ذلك ان القرار بترحيل المسيحيين وان لم يتم اتخاذه بشكل رسمي الا ان غض الطرف والاهمال الغربي والعربي عما يجري لهم من مآس ومجازر يوحي بالتواطؤ الاكيد على السكان الاصليين لهذه الارض وانتفاء الحاجة الى دورهم الذي مارسوه طوال مئات السنين، ويكشف هذا الوزير السابق الاولوية الاميركية المطلقة وفق التالي:
1ـ استحصلت اميركا على النفط العربي حتى ولو كان مجاناً.
2ـ اعطت الاهمية القصوى لأمن اسرائيل بعد الخريف العربي وهذا من اولويات الادارات الاميركية منذ ستين عاماً.
3ـ بعدها فليحترق كل شيء ويتم تدمير الدول العربية الواحدة بعد الاخرى دون النظر الى اي امر آخر.
وفق هذه الاجندة الاميركية ـ الاسرائيلية لا مكان في الافق لاي حديث عن وجود اقليات يمكن ان تتعايش حتى ولو تمت ابادتها بمجازر مصورة فان العين الاميركية لا ترى سوى مصلحة اسرائيل والباقي فليذهب الى الجحيم، وبالتالي فان اي حديث من قبل مسؤول اميركي ولو برتبة سفير غائب كلياً ويقول هذا الوزير: ان الصالونات السياسية اللبنانية لطالما شهدت في الماضي حوارات واسئلة وشبه اجوبة بين لبنانيين وسفير اميركي معتمد في لبنان ولكن في هذه الآونة يغيب حتى مجرد التلميح الى اوضاع المسيحيين في لبنان وهذا ما ينطبق ايضاً على السفير الفرنسي وغيرهم من الاوروبيين ليبقى السفير الروسي وحيداً يلامس هوامش الوجود المسيحي في لبنان والشرق، ليستخلص هذا الوزير القرار الآتي: تم التخلي نهائىاً عن مسيحيي الشرق من قبل اميركا واوروبا ومسألة وجودهم تتعلق بالتوقيت فقط ليتم تقسيم ترحيلهم وفق التالي:
أـ ثلث المتبقي يهاجر الى اوستراليا واوروبا.
ب ـ ثلث آخر يحاول المعاندة فيتم نحره.
ج ـ الثلث الاخير لزوم ما يلزم يأخذ دور المسيحيين في كردستان.
هذه المشهدية لا تغيب عن بال هذا الوزير الذي يعتبر ان عملية الحوارات القائمة مضيعة للوقت في مقابل مسألة الوجود ليتساءل: على ماذا يتحاور المسيحيون اذا كان مصيرهم جميعاً معرضاً للزوال؟ وأي منصب سيحصلون عليه اذا كان الرحيل هو الذي يدق الابواب؟
وأي مهل ينتظرها المتحاورون فيما الارضية من تحتهم تحترق؟ ومن قال ان المسيحيين في لبنان باقون في ارضهم؟ ألم يظن قبلهم مسيحيو سوريا والعراق وفلسطين ومصر انهم باقون مهما اشتدت الاعاصير؟
ولتبسيط المشهد اكثر امام الناس يعطي هذا الوزير حادثتين:
ـ الاولى لدى مهاجمة «داعش» للاكراد واستنفار الطيران الاميركي ليل نهار للاغارة على هذا التنظيم الارهابي.
ـ الثانية: تهجير مسيحيي الموصل وبيع نسائهم وقتل المسيحيين الاشوريين في الحسكة لم يحرك طائرة اميركية واحدة!!
هكذا على المراهنين من المسيحيين اللبنانيين بأن الخطر بعيداً عنهم، الاحساس بالمسؤولية بدل تضييع الوقت والاسراع الى عقد اللقاءات والاجتماعات الفورية فيما بين القادة جميعاً من اجل وضع خطة محلية الصنع اساسها الصمود وتوفير العوامل التالية:
1ـ تسمية اللقاء المسيحي الدائم لمواكبة التطورات الخطرة.
2ـ الاقلاع عن التذاكي واللعب السياسي الفارغ.
3ـ وضع الثروات المسيحية في تصرف الوجود فقط.
4ـ التنسيق اليومي مع كافة رؤساء الطوائف المسيحية.
5ـ عدم ايهام الناس بأن الخطر غير موجود.
6ـ ابطال سخافة وجود مظلة دولية او ما شابه فهذه المظلة كناية عن مراقبة غربية لترحيل المسيحيين.
7ـ الانفتاح على المسلمين جميعاً في لبنان دون التلطي وراء هذه الطائفة او تلك.
8ـ قراءة تاريخ بيزنطية والاتعاظ منه بشكل سريع.
واخيراً ايقاظ المسيحيين ان رئيسهم المسيحي الوحيد توارى عن الانظار؟!