IMLebanon

مسار الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» مرتبط بمسار التطورات في المنطقة عموماً

مسار الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» مرتبط بمسار التطورات في المنطقة عموماً

الأزمة السياسية في مرحلة انتظار نضوج التسويات والصفقات الإقليمية

الجلسة الأولى للحوار بين المستقبل والحزب لم تؤدِّ إلى بروز مؤشرات توحي بإنفراج في أزمة الانتخابات الرئاسية

لم تؤدِّ جلسة الحوار الأولى بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» الى بروز مؤشرات توحي بانفراج قريب للأزمة السياسية التي تعصف بلبنان جراء التعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية من قبل تحالف الحزب و«التيار العوني» المعلوم للقاصي والداني منذ أكثر من ستة أشهر، وإنما عكست وقائع النقاشات التي تخللتها باستمرار الأزمة على حالها مع تمسك الحزب بطروحاته السابقة، إن كان بالنسبة لتشبثه بتأييد زعيم «التيار العوني «النائب ميشال عون لمنصب الرئاسة الأولى وعدم استعداده للتنازل عن هذا الموقف أو بالنسبة لمسألة استمرار مشاركته بالحرب الدائرة في سوريا الى جانب قوات النظام السوري ضد أبناء الشعب السوري الثائرين ضده وغيرها من المسائل والقضايا الخلافية المطروحة.

وهذا الواقع يؤشر الى طول الأزمة السياسية القائمة واستمرار الفراغ بمنصب الرئاسة الأولى مع تمسك كل طرف من الأطراف المشاركة بالحوار بموقفه المعلن بهذا الخصوص، وهو ما يعني في نظر الكثيرين عدم نضوح آفاق حل مشكلة الانتخابات الرئاسية إقليمياً ودولياً، لارتباط موقف الحزب بما يقرره النظام الإيراني بهذا الموضوع خلافاً لكل ما هو معلن من الحزب أو من حلفائه بالداخل، لأن الحزب هو جزء من القرار الإيراني ولا يستطيع الخروج عنه مهما كانت الظروف والتطورات في الداخل والخارج على حدٍّ سواء، وملتزم التقيّد به سلباً أم إيجاباً كما دلت وقائع الاستحقاقات والمحطات المفصلية السابقة، إن كان بالنسبة للانتخابات الرئاسية أو غيرها.

فتمسك «حزب الله» بمواقفه من الاستحقاق الرئاسي في جلسة الحوار الأولى لم يكن مستغرباً من معظم الطاقم السياسي باستثناء قلة منهم تسعى إلى إضفاء أجواء إيجابية على الجلسة لم يفصح عنها أي من المشاركين الذين لم يخرجوا بانطباعات متفائلة بإمكانية تبدل ولو محدود يسهم بإعطاء أمل للناس لإخراج أزمة الاستحقاق الرئاسي من دائرة المراوحة والتعطيل المتعمد من قبل التحالف المذكور وكل ما خرجت به الجلسة إدخال البلاد في مرحلة جديدة من الانتظار لا يمكن معرفة مدتها، ولكنها لن تخرج عن إطار المصالح الإقليمية الكبرى المرتبطة بمسار التطورات للحرب الدائرة في سوريا والعراق وصفقات الحلول التي يُحكى عنها ان كان ما يتعلق منها بالملف النووي الإيراني المؤجل لستة أشهر إضافية أو المساعي الروسية المتجددة لحل الأزمة السورية وانعكاسات الجهود المبذولة على الواقع اللبناني مع استمرار مشاركة «حزب الله» بالقتال هناك وارتباطه العضوي بما يتخذه الجانب الإيراني بهذا الخصوص كما هو معلوم للقاصي والداني.

المؤشر الإيجابي لجلسة الحوار الأولى هو انكسار حاجز الخصومة السميك بين الطرفين ودخول العلاقة بينهما إلى مرحلة جديدة لا يمكن التكهن بنتائجها برغم الانطباع السلبي الذي تكون عنها ومسار النقاش بداخلها، في حين ان مؤثرات الجلسة على النفوس في الشارع كانت مريحة، ظناً من البعض ان معاودة الحوار المقطوع ستفسح في المجال لتطوير النقاش في الجلسات المقبلة باتجاه احداث خرق ولو محدود في جدار الأزمة السياسية القائمة ولو طال الأمر بعض الوقت لبلورة صيغة حل مقبولة من كل الأطراف تسهم بالافراج عن انتخابات الرئاسة وتؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في النهاية، لأنه لا يمكن ان تستمر الأزمة القائمة بدون أي أفق لحلها، لأن الضرر سيكبر ويتسع ويؤدي إلى تداعيات سلبية خطيرة على وضعية الدولة ككل ومصالح كل المواطنين من دون استثناء ولا يمكن حصره بناحية من النواحي فقط كما يعتقد البعض ويروج لذلك.

ولذلك، فان استثمار جلوس «تيار المستقبل» و«حزب الله» على طاولة الحوار وجهاً لوجه وللمرة الاولى بعد قطيعة السنوات الماضية وتجاوز ما تخلل هذه القطيعة من ضرر على الواقع السياسي والأمني والاقتصادي، لا يمكن ان ينحصر بعقد الجلسات بين الطرفين من دون تحقيق تقدّم ولو كان محدوداً، لأن التشبث بالمواقف وعدم تقديم كل طرف منهما بما يؤدي إلى تقليص شقة الخلاف السائدة حالياً، سيطيح بالايجابية التي تحققت مع انعقاد الحوار وجلوس الطرفين إلى طاولة واحدة ولا بد من التنبه لهذا الواقع ومحاذرة الوقوع فيه تحاشياً لضرره وانعكاساته على الوضع برمته، وسيعطي المشككين بهذا الحوار حججاً وذرائع إضافية لرفضه والاعتراض مجدداً على استمراره من دون جدوى.

وازاء ذلك، لا بدّ من التركيز على الإيجابية التي تحققت مع معاودة الحوار برغم كل الاعتراضات والحواجز والمحاذير والعمل قدر الإمكان لتحقيق ما يمكن من تقدم وتقليص مُـدّة الانتظار والترقب لمسار التطورات في المنطقة والسعي بما يمكن لحلحلة الأزمة السياسية ومن خلالها يمكن للحوار أن يكون منتجاً ويساهم بإخراج لبنان من دائرة المراوحة والفراغ وإن كان هذا الأمر مستبعداً في الوقت الحاضر بفعل الترابط القائم للوضع الداخلي مع احداث المنطقة التي تتعقد أكثر فأكثر من السابق.