لم تتجاوز الجلسة العاشرة من الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» التوقعات المتواضعة بالاستمرارية والاتفاق على اللقاء ولو كان جدول الاعمال ضبابياً ولا يتناول المواضيع المصيرية والاساسية التي تهم الطرفين المتخاصمين حول قضايا اقليمية وصولا الى مرحلة الاشتباك الاعلامي. وعلى الرغم من مسارعة اكثر من شخصية حزبية ونيابية الى تبديد التشكيك في استمرار هذا الحوار في المرحلة المقبلة، فقد لاحظت مصادر نيابية في «المستقبل» ان قرار الذهاب الى الحوار لم يكن مفاجئا او متسرعا بل هو نتيجة قناعة ثابتة لدى التيار ووافقه عليها «حزب الله» والرئيس نبيه بري، بوجوب تحقيق مصلحة لبنان والحفاظ على ستاتيكو «التعايش» السياسي والوطني فيه رغم كل التأثيرات السلبية للصراعات المذهبية في المنطقة. اضافة الى استعمال مائدة الحوار هذه كمساحة لبحث الملفات الداخلية وابرزها ملف الانتخابات الرئاسية والذي لم يعد خافيا على احد، الدور الاساسي الذي يؤديه كل من الحزب كما المستقبل في الدفع نحو انجازها من خلال البحث عن التقارب بين فريقي 8 و14 آذار وذلك رغم كل التناقضات.
اما على الصعيد العملي فقد اشارت المصادر الى ان الجلسة الحوارية العاشرة ركزت على الاجراءات الامنية المرتقبة وذلك في سياق الخطة الامنية التي ستنطلق قريبا اضافة الى بحث جوانب اجتماعية وامنية متعلقة بأوضاع اللاجئين السوريين. واذ اعتبرت ان تفادي المتحاورين مقاربة اي ملف امني، ينطلق من اصرار الطرفين على حماية الحوار رغم كل السجالات السياسية والاعلامية العالية اللهجة، اكدت ان ادارة الخلاف او حتى التباين مهما كان حادا ازاء الحرب السورية او الحدث اليمني، هي ضرورة سبـق وان ادركها راعي هذا الحوار كما قيادتي «حزب الله» و«تيـار المستقبل»، وهي التي ستحكم مسار العلاقـة في الايام والاسابيع المقبلة ولو استمر الاشتباك الاعلامي.
وبالتالي وجدت المصادر النيابية ان تجاوز اختبار الجلسة العاشرة التي كانت مهددة بسبب ارتفاع حدة الخطاب السياسي والاعلامي في الايام الماضية، يظهر أن هذا الحوار هو شبكة الامان الوحيدة للساحة الداخلية، وان ما من بديل عن جلوس «المستقبل» كما «حزب الله» الى طاولة واحدة، ومن دون تحقيق الخرق المطلوب للازمات الداخلية وفي طليعتها أزمة الشغور الرئاسي.
واذا كانت مقتضيات استمرار الحوار قائمة بقوة وهي متعددة كما اضافت المصادر نفسها، فان مسببات انهياره كثيرة ايضاً ولكنها لا تزال مضبوطة من قبل الارادات الدولية كما الاقليمية، والتي تتفق وللمرة الاولى ربما على الابقاء على النموذج المتوازن بين السنة والشيعة في منطقة يحتدم فيها الصراع المذهبي. واكدت ان الرعاية الخارجية للنموذج اللبناني تزامناً مع الدعم الكبير للجيش في معركته ضد الارهاب، هي عامل مؤثر لاستمرار الحوار وتدعيم ركائزه رغم كل الاحتقان الذي يتظهر وبشكل يومي على الشاشات وخلصت هذه المصادر الى ان الاهتمام بالوضع الامني واجراءات الخطة الامنية، لا يقلل من أهمية جلسة الحوار الاخيرة والتي جاءت لافتة من حيث التوقيت خصوصاً، لأنها شكل مؤشراً على ثبات الطرفين على حماية الاستقرار الداخلي.