IMLebanon

الحوار بين الأقطاب الموارنة “متعب” جداً مع عيون شاخصة نحو الكرسي الرئاسي

وساطات الأيام الأخيرة “رفعت العشرة”… ثقة “القوات” غائبة كلياً بالتيار البرتقالي

 

حين يدعو اي مرجع ديني لدى الطوائف الاخرى غير المسيحية، يسارع الكل الى تلبية النداء، وعقد حوار للتقارب بين الافرقاء السياسيين التابعين لأي طائفة، بإستثناء الاقطاب الموارنة لانّ الكرسي الرئاسي تمنعهم من الوصول الى اي توافق، على حساب اي واحد منهم ، كي لا “يطير” الموقع الرئاسي الاول، لانّ كل ماروني مشروع مرشح الى الرئاسة، لذا يتسابق الاقطاب للفوز في هذا الامتحان، وكل واحد منهم يسير وفق مقولة “من بعدي الطوفان”، وحينها يغيب اي حل او خاتمة سعيدة، لان لا أمل بإسقاط المصالح الخاصة امام اي مصلحة عامة.

 

في هذا الاطار يستذكر الجميع الجهود التي قام بها البطريرك الراحل نصرالله صفير، لجمع القادة الموارنة في بكركي من دون اي نتيجة، فأتى البطريرك بشارة الراعي ليكمل المهمة الصعبة بما يقارب المستحيل، عبر دعوة او مبادرة لجمع قيادتيّ “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، ولإعطائهما بعض الانعاش لانها باتا في غرفة العناية الفائقة، بسبب التناحرات والخلافات التي تعود كل فترة بين الحزبين، خصوصاً بعد سقوط تفاهم معراب، الذي اطلق وعوداً بعدم عودة الماضي الاليم بين الطرفين، لكنه لم يدم طويلاً امام تداعيات الماضي وإستذكاره مع كل الصفحات السوداء التي رافقت الحزبين، فأتت النتيجة مخيبة للآمال لانّ تلك الآثار لم تستطع طيّ صفحة مريرة من الجراح منذ العام 1989، وتلك المصالحة التي وصفها معارضوها بالمزيفة لم تستطع إبراز العكس، لانها اصبحت على حافة الهاوية المسيحية، ووحده البطريرك الراعي يقوم بإنتشالها كل فترة، من دون ان يراعي احد من المعنيين المصالح المسيحية العامة، خصوصاً في هذه الظروف التي تتطلب وعياً وادراكاً اكثر بكثير من اي وقت مضى.

 

وانطلاقاً من هنا عاد الحديث منذ فترة وجيزة، عن ضرورة إجراء حوار مسيحي في بكركي، خصوصاً بعد توحيد كلمة “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” حول رفضهما إنعقاد جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، على ان يبحث الحوار مسألة الشغور الرئاسي، واللغط الدستوري في ما يخص إنعقاد جلسات للحكومة.

 

وفي السياق برزت زيارة الرئيس السابق ميشال عون عصر امس الى بكركي، وكان النائب باسيل قد سبقه بساعات قليلة للقاء البطريرك الراعي ووضعه في أجواء المستجدات، إضافة الى الطلب منه جمع القيادات المارونية وإجراء مصالحة بينهم، توصل الى تفاهم على إسم المرشح الى الرئاسة، فأتى الرد من الراعي “بأننا لطالما كنا من دعاة الحوار بين الأطراف، فإما بحوار ثنائي بيني وبين كل طرف، وإما بحوار جامع ولكن تتخلله صعوبات”، الامر الذي يؤكد عدم رضى البطريرك على سياسة القادة الموارنة، التي تتخللها دائماً مواقف رفض حيال بعضهم، خصوصاً انه تعب من محاولاته للمّ شملهم في حين انهم لم يلبّوا النداء، وكأنهم لم يسمعوا نداءاته المتكرّرة، خصوصاً حول طلب إتفاقهم على مرشح واحد لخوض الانتخابات الرئاسية، فيما الكل مرشح فكيف لأحدهم القبول بإعطاء صوته للاخر؟، ومن ثم اتىً ردّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، عبر تغريدة على كلام باسيل من دون أن يسميه، كاتباً: “الحوار بدو أهل للحوار” .

 

الى ذلك يشير مصدر قواتي لـ ” الديار” الى أن لا فائدة اليوم من عقد مثل هذه الاجتماعات، لانّ نتائجها معروفة والثقة غائبة، مؤكداً أنّ “القوات اللبنانية” كانت وستبقى الى جانب بكركي، ومؤيدة لطروحاتها الهادفة دائماً في اتجاه مصلحة لبنان العليا.

 

وعلى خط “التيار الوطني الحر”، فتكتفي مصادره بالاشارة الى انهم كانوا مؤيدين لحصول اللقاء مع القيادة القواتية، لكن الجواب الرافض أكد هوية المعرقل والرافض للتقارب المسيحي.

 

فيما تلفت اوساط مقرّبة من الفريقين، وعلى إطلاع بكواليس العلاقة القائمة بينهما، الى انّ الوساطات التي عُقدت على مدى الايام الاخيرة، لم تؤد الى حصول اي توافق سياسي، لذا يبدو انها “رفعت العشرة”، لان الجرّة السياسية على ما يبدو إنكسرت بينهما، والاستراتيجية السابقة التي وُجدت منذ كانون الثاني 2016 ولفترة متنقلة، تخلخلت اليوم وبقوة ولم يعد الوسيط قادراً على إعادتها سالمة، مشيرة الى انّ كيل كل طرف منهما قد طفح من الاخر، وخصوصاً جعجع ولذا رفض المشاركة في اللقاء، لكن لربما اعطى هذا الرفض بعض الزخم لباسيل الذي إستعان ببكركي، فبدا من خلال ذلك وكأنه المتعاون الاول للتقارب المسيحي، على الرغم من انّ دعوته شكلّت إستفاقة متأخرة جداً وبالتأكيد لها اسبابها التي بلا شك بدت واضحة، خصوصاً بعدما بات وحيداً على الساحة السياسية، وبالتالي اراد إبعاد الانظار عن خلافه مع حارة حريك.