باسيل لم يمشِ بفرنجية .. والتفاوض بطيء ودقيق وشروطه صعبة المنال
يسير الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله ببطء شديد نتيجة دقة العناوين الثلاثة التي وضعها رئيس التيار النائب جبران باسيل خارطة طريق لأي بحث رئاسي مع الحزب. وبات معلوما أن تلك العناوين تشتمل على اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والصندوق الإئتماني وبناء الدولة، والبند الأخير كان السبب المباشر في تعطّل ورقة التفاهم (6 شباط 2006) بينهما. إذ يعتبر التيار أن الحزب لم يقدّم اللازم ولم يتدخّل مع حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل الإفراج عن هذا المشروع.
وتبيّن أن الحوار بين التيار والحزب لم يصل بعد إلى مرحلة الأسماء والترشيحات، خلافا لما تردد في الآونة الأخيرة عن أن باسيل وافق على انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. كما ظهر أن أي لقاء لم يحصل بين الرجلين، مع توضّح أصل التسريب المغلوط ومراميه.
ويظهر أن ما تردّد في هذا السياق ناشئ من قراءة خاطئة لموقف التيار الذي تؤكد قيادته أنه على ثباته في مقاربته الإنتخاب الرئاسي، ويتلخص بإصرار باسيل على إقرار اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والمراسيم التطبيقية المرتبطة فيها في مجلس النواب، كذلك الأمر بالنسبة للصندوق الائتماني، وتبيان حقيقة الموقف من بناء الدولة. وعندها فقط يبدأ البحث بالأسماء مع الحزب والتي يكون من ضمنها فرنجية.
كما تبيّن أن التفاهم بين التيار والحزب لا يزال صعبا وبعيد المنال، لا سيما في ما يتعلّق بترشيح فرنجية. بمعنى أن تبنّيه أمر مستحيل من دون تحقيق الشروط الثلاثة التي تبدو بدورها صعبة جدًا، وفق المداولات الحاصلة بين الفريقين.
ويظهر في هذا السياق الاهتمام (السلبي) البالغ الذي تمنحه لهذا الحوار، كلّ من حركة أمل والقوات اللبنانية، وإن من منطلقين مختلفين:
1-فالحركة التي سارعت إلى التسريب بأن الحزب أطلعها على ورقة العمل التي تقدّم بها باسيل، أرادت القول إنها والحزب في حال من التكامل، مما يعني أن أيا منهما لن يقبل بما يرفضه الآخر. وليس خافيا أن الحركة، وإن زادت في التعبير عن ارتياحها للحوار بين التيار والحزب، في حال من الرفض الشديد للامركزية بحد ذاتها، لا الشقّ المالي منها، لجملة أسباب في طليعتها أنها بنتْ كل أمجادها بفضلٍ من الدولة المركزية. وهي أحكمت تدريجا السيطرة على مفاصلها، وخصوصا المالية منها. وتاليا إن أي مسّ بمركزية الدولة ماليا وخدماتيا يُعدّ مسا مباشرا بمصالحها، الأمر الذي لن تقبل به.
ولم يفتْ الحركة إسباغ نفحة مصطنعة من التفاؤل على الحوار بين الحزب والتيار، عبر تحوير موقف باسيل المشروط من ترشيح فرنجية، وتصويره على أنه انتقل من الرفض المطلق إلى القبول المطلق، وصولا إلى ضرب بداية أيلول (مستبقة زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان) موعدا للإتفاق خلافا لمنطق الأمور ولمسار الحوار الحاصل. هي أرادت أن تقول إنها باتت في موقع الـwin win situation سواء انتُخب فرنجية في أيلول بغالبية الـ65 صوتا، أو فُرض على المعارضة تعطيل نصاب الدورة الثانية، وأنها استعادت سبق المبادرة وأحبطتْ الاتهامات الدولية لرئيسها بتعطيل جلسات الانتخاب وأعطبتْ لغم التهديد بإدراجه في لوائح العقوبات الأميركية.
2-أما القوات اللبنانية فلم تُخفِ انزعاجها من عودة الحوار، وتحديدا الرئاسي، بين التيار والحزب. وهي تسعى إلى إحراج باسيل من باب مأساة الكحالة، وحشره مسيحيا. وهو ما أبرزه رئيسها سمير جعجع الذي أبدى استغرابه من «استمرار باسيل بالمفاوضات مع «حزب الله» بعد كل الذي حصل من عين إبل إلى الكحالة، إلى المناخ الشعبي الرافض للحزب وممارساته، وكأن شيئاً لم يكن». ووصف الحوار بأنه «عملية غش كبيرة»، ملمحاً إلى أن باسيل يقايض ملفات وطنية حقّة بمكتسبات شخصية.
لا تعير قيادة التيار اهتماما إلى هذا المنحى القواتي، باعتبار أن جعجع العالق في فخّ نصبه لنفسه، يسعى الى الخروج من مأزق عدم القدرة على المبادرة، معطوفا على تراجع تأثيره سياسيا ورئاسيا. ووجد في استعادة التهجّم على باسيل فرصة سانحة من أجل إخفاء مأزقه من جهة، وتبرير رفضه أي مسعى للحوار بذريعة أنه تطبيع مع حزب الله. وهذا ما ظهر تحديدا في تعليله رفض مبادرة الموفد الرئاسي الفرنسي.