ليس من يجادل في تبعية حلول التعقيدات اللبنانية الدستورية المتشابكة، لنهائيات الأزمة السورية، التي تكاد تختزل كل تداعيات عاصفة الربيع العربي. التي اجتاحت دنيانا الغافلة، تحت مسمّى الفوضى الخلاّقة.
وستكون هناك طاولة حوار موسّعة في مجلس النواب اليوم، بغياب جزئي، وأخرى ضيّقة في عين التينة، بغياب ظرفي محتمل للوزير نهاد المشنوق، وستكون حوارات من أجل الحوارات، لا من أجل الحلول، التي باتت كالسهل الممتنع.
بعض الأوساط المتابعة، ترقب في الأجواء الاقليمية، ملامح تسوية، بدايتها الاتفاق النووي الايراني، الذي قرّب طهران من مناخ الشرعية الدولية، وتالياً أبعدها عن مواجهة الصراع في سوريا وعليها، لحساب الجار الروسي، الذي سيرسم لها ولحلفائها وعلى رأسهم حزب الله حدود الحضور والدور في سوريا ولبنان وربما في المنطقة برمتها، لاحقاً.
وفي تقدير هذه الأوساط، ان الروس سيحتلون واجهة الحلول في سوريا، كما احتلوا واجهة الحرب، انطلاقاً من الرغبة في حماية الوجود المهدّد والنظام المتهالك، لكنهم سيراعون الوقوف على خاطر البعض والتنسيق مع البعض الآخر، أما المعالم الظاهرة من بنيان الحل، فانها توحي بأن ثمة اتجاهاً دولياً لتجسيد صورة لبنان على الخارطة السياسية السورية، صورة الدولة المتعددة المتنوعة، القادرة على التعايش مع نفسها، ومع جوارها…
وهنا أهمية الوجود الروسي في كونه يطمئن النظام وبعض الطوائف الملتصقة به، فضلاً عن حماية المؤسسات الأساسية، كالجيش المتربي على الثقافة العسكرية الروسية.
لكن هذا الوجود، يمكن ان يقلق تركيا مثلاً، كونها قد تصبح بين فكّي الكماشة الروسية من الشمال والجنوب، ويقلق معها الحلف الأطلسي بالطبع.
وبالنسبة الى النفط والغاز، الأوساط المتابعة، تتوقع توصل الأميركيين والروس الى تفاهم بهذا الشأن لازالة المخاوف الروسية من منافسة الغاز العربي، لغازها المحتكر للأسواق الأوروبية، ومع التوصل الى مثل هذا التفاهم المتوازن، تتحلل عقد الأزمات في سوريا ولبنان.
يبقى الجانب الاسرائيلي في الصورة، هنا يرى النائب باسم الشاب ان لا مشكلة اسرائيلية مع الوجود الروسي في سوريا، لأن اسرائيل تفضّل الوجود الروسي في هذا البلد على الوجود الايراني، تفضل ان ترى في سوريا، دولة تستعين بطائرات من دون طيار، من صنعها، على الوجود الايراني على حدودها الشمالية – الشرقية.
وعلى سبيل التذكير، حينما كانت سوريا تحت النفوذ السوفياتي، هدأت الحدود في الجولان المحتل لأربعة عقود، فضلاً عن ذلك، لا انتقاد اسرائيلياً للحملة الروسية في سوريا، بل تنسيق معلن من جانب الروسي، لمنع الاحتكاك بين طائرات الطرفين في الاجواء السورية، فضلاً عن ان النفوذ الصهيوني في موسكو، ليس اقل مما هو عليه في نيويورك.
وثمة سؤال يطرح نفسه كل يوم، طالما ان كافة القوى المنخرطة في الازمة السورية تجاهر بالحرب على داعش، وتستنفر جيوشها وعواطف جمهورها ضد داعش، فأي قوة
هائلة لهذا التنظيم الجبار؟
للاجابة على هذا السؤال، افضل ما يقال ان داعش تقوى بتشتت خصومها، باختلاف موقعها، على مستوى العداء الحقيقي معهم.
وبقراءة متأنية لخارطة القوى المعادية لداعش، والمعلنة للحرب ضدها وضد الارهاب، يتبين ان محاربة داعش، ليست اولوية لدى اي من معلني الحرب ضدها، فتركيا عدوها الاول اكراد حزب العمل، وايران ترى في داعش عدواً، ولكن ليس الى درجة ارسال الجيوش، بدل المستشارين لمحاربتها في العراق وسوريا، بدليل استمرار وجودها في الموصل والرمادي ومناطق اخرى كثيرة. وبعض العرب يوازن الخطر الصهيوني بالايراني وكلاهما اول وداعش الثاني. وحتى روسيا، التي أتت لحماية وجودها في سوريا، من باب حماية النظام، لم تضرب داعش بالقوة التي ضربت بها باقي فصائل المعارضة الأخرى…
ومعنى ذلك، ان قصتنا طويلة…