IMLebanon

« حوار «المستقبل» و«حزب الله» إلى السنة المقبلة؟

باتَ من المؤكّد أنّ الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» مؤجَّل على الأقلّ إلى السنة المقبلة. فقَد فرملت المواقف المتشنّجة في ملفّ عرسال والعسكريين المخطوفين مساعيَ اللقاء، فضلاً عن الخلاف على مضمون جدول الأعمال، بعدما وُضِعت بعض البنود على لائحة المحظورات. فلماذا اتّهام المسيحيّين بتعطيل الحوار أو تأخير إقلاعِه؟

الثابت لدى قيادَتي «المستقبل» و«حزب الله» أنّ كلّ التحضيرات التي كانت قد بدأت لإطلاق الحوار المنتظَر بين الطرفين قد توقّفَت ولو إلى حين. وقد عكسَت سلسلة المواقف والتحرّكات التي شهدَتها الأيام الأخيرة هذه الأجواءَ بشكل واضح وصريح.

فُهناك ما فرمَل هذه الاستعدادات ووضَع الموعدَ الجديد لانطلاق الحوار في مهبّ الريح، بعدما رسَمت له السيناريوهات كلَّ مستلزماته، بما فيها شكل الطاولة التي كانت ستَجمع فريقي الحوار وكرسيّ الرئيس نبيه برّي، وإلى جانبها كرسيّان لشخصيات في الحركة كلّفت بهذه المهمة مباشرةً منه، وصرف النظر باكراً عن وضع كرسيّ لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بعدما تعذَّر التفاهم على ذلك باعتبار أنّ برّي يحمل شخصيته، ويمثّل جنبلاط أفضلَ تمثيل.

ولهذه الطاولة قصّةٌ مثيرة تمَّ التداول بها على نطاق ضيّق. فقد طرَح أحدُهم مشاركة جنبلاط باعتباره مِن دعاة هذا الحوار قبل الجميع، ولمّا فشلَ في ترتيب المواعيد تولّى برّي المهمّة بالأصالة عن موقعِه رئيساً لمجلس النواب، وبالإنابة عن وجهين آخرين متلازمين، رئيساً لحركة «أمل» وتوأماً لجنبلاط في الدعوة والورشة هاتَين.

من هنا يبدأ الحديث وتتعدّد الروايات عن الأسباب التي دفعَت إلى تأجيل الحوار، فالموعد الأوّل لإطلاقِه كان قد حُدّد منتصف الأسبوع الأوّل من كانون الأوّل في عين التينة، في لقاء سياسيّ موسّع علنيّ يرعاه برّي ويباركه كثيرون، لتنطلق ورشة الحوار بفريق مصَغّر عن كلّ طرَف يقوده نادر الحريري ومعاون الأمين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل.

كان السعي بدايةً إلى التفاهم على جدول أعمال مصغّر، بعدما استُثنِي من البحث دور «حزب الله» في سوريا ومصير سلاحه في الداخل. فطرح أوّلاً السعي إلى تخفيف أجواء التشنّج المذهبية، فقيل إنّ هذا الموضوع لا يستأهل أن يكون بنداً على طاولة الحوار، لأنّ التفاهم على انطلاقه يوقِف الحملات المتبادلة ويصوغ خطاباً هادئاً يُظلّل الحوار.

وبعدها تطرّقَ الحديث إلى نقاط عدّة، من بينها الإتفاق على رئيس توافقي للجمهورية يحظى بالنصاب، وشكل الحكومة المقبلة، والقانون الجديد للانتخاب، وصولاً إلى صفقة شاملة تحدّد مسارَ الأوضاع للمرحلة المقبلة. عندَها سُجّلت ردّة الفعل المسيحية الرافضة إحياءَ «الحلف الرباعي» مجدّداً.

وعلى وقعِ رفضِ اعتراف العماد ميشال عون بأيّ اتّفاق يطاولُ انتخابَ الرئيس العتيد، واشتراط مسيحيّي «14 آذار» تشكيلَ لجنة منهم لمواكبة الحوار مع «المستقبل» بعد كلّ جلسة حوار، تمّ التوافق على اعتبار أنّ التفاهم على الرئيس العتيد هو نتيجة للحوار وليس من أولى أهدافِه، فسقط من جدول الأعمال. وجاءَت المواقف التي لم تتزَحزح من قانون الانتخاب الجديد لتؤكّد صعوبة التفاهم على هذا البند فشُطب أيضاً.

ولما انتقلَ البحث إلى وضع الملف الأمني في أولوية جدول الأعمال، كان حصار عرسال والتهديد بخطف أبنائها بعد استشهاد الدركي علي البزّال، ليخلقَ أمراً واقعاً رفضَه الرئيس سعد الحريري ببيانٍ شديد اللجهة، وجاءت أحداث صيدا ليطفحَ فيها الكيلُ اعتراضاً على ما سَمّته قيادات «المستقبل»، «مضيُّ «حزب الله» في تنسيبِ سُنّة المنطقة إلى سرايا المقاومة»، فتوقّفَ كلّ شيء.

عند هذه الحدود، هناك من صفوف «المستقبل» و«حزب الله» مَن يرفض هذه الوقائع ليقول إنّ «لَعَم مسيحيّي «14 و8 آذار»، من الحوار طيّرَته. وأضافوا: «تزامُناً مع ترحيب الجميع ببدء الحوار، جاءت شروط المسيحيين وملاحظات حلفاء الطرفين السُنّة والشيعة لتفرضَ شروطاً عطّلت التفاهم. ففُتِح الباب مجدّداً أمام البحث في مشروع آخر لجدولِ أعمالٍ مختلف، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الوقت لترتيب أولوياته، فتأجّلت كلّ المواعيد».