IMLebanon

حواران في حقل الغام

على الرغم من ان اللبنانيين، باكثريتهم الساحقة، لا يتوقعون ولا ينتظرون، نتائج كبيرة، من الحوار الدائر بين تيار المستقبل وحزب الله، يمكن ان تطمئنهم الى ان الامور سائرة باتجاه ان يشبه لبنان، هونغ كونغ، وليس تورا بورا، او الصومال، كما تتخوف فرنسا، الا انهم يتمنون لو يعمد الطرفان الى وضع هدف واحد على طاولة حوارهما هو كيف يمكن ان نؤمن اعلى نسبة من الاستقرار الداخلي، في ظل الفوضى المميتة التي تحيط بنا، وتمتد على طول الحدود البرية اللبنانية مع اسرائيل وسوريا، وطرح السؤال مجددا، هل يمكن التعايش على رقعة الارض اللبنانية لحالتي هونغ كونغ وتورا بورا، او يجب ان نختار حالة من اثنتين، لكن التمني شيء، وما يدور على الارض شيء آخر، وخصوصا بعد عملية مزارع شبعا التي جاءت ردا على عدوان اسرائيل في القنيطرة، وما سبقهما ولحقهما من مواقف وتهديدات وضعت لبنان على خط الزلازل والحروب، وبالتالي فان افق الحوار بين التيار والحزب ضاق الى درجة الضمور، على الرغم من ان الفريق المؤيد للحوار داخل تيار المستقبل، مصر على استمراره تفتيشا على القواسم المشتركة والتهدئة وازالة التوتر السني – الشيعي في حين ان الفريق المعارض يرى ان لا فائدة من الحوار طالما ان حزب الله متمسك بسلاحه، ومتمسك بسلاح سرايا المقاومة، وسلاح انصاره ومؤيديه. ويرفض ان تقترب الخطط الامنية من مناطق نفوذه، وان خطاب السيد حسن نصر الله كشف عن وجود مئات المسلحين في عدد من شوارع بيروت، وهم الذين ارعبوا العاصمة وجوارها، وفق قول احد نواب تيار المستقبل المعارضين للحوار مع حزب الله كما يعترف قيادي في تيار المستقبل، ان هناك معارضين للحوار داخل التيار، على قاعدة ان التيار سيخسر الكثير من شعبيته ومصداقيته، عندما يصل الحوار الى افق مسدود بسبب رفض حزب الله تفكيك سرايا المقاومة، وتطبيق الخطة الامنية على الضاحية الجنوبية، والاكتفاء بنزع الصور واللافتات والشعارات.

***

في مقابل حوار حزب الله – تيار المستقبل هناك حوار آخر قائم بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ولو ان اهداف الحوار هي غيرها عند المستقبل وحزب الله، الا ان موضوع سلاح الحزب وتشعباته وامتداداته ونتائجه لا تغيب عن «الحوار المسيحي» لارتباط سلاح الحزب بحياة اللبنانيين جميعهم وليس بطائفة او مذهب، ولان التفاهم عليه بين القوات والتيار، اذا تم سيكون عاملا مسهلا للتفاهم على القضايا الاخرى التي يناقشها الطرفان مثل الحقوق المسيحية في الدولة وقانون الانتخاب، وتسجيل المغتربين وط ي ملف الخلافات المزمن، وتطبيق الدستور، كما ان التوافق على رئيس جديد للجمهورية يصبح ممكنا، وربما واقعا، هذا اذا نجا الحوار من الافخاخ والالغام التي اعدها المتضررون من الحوار وينتظرون الوقت المناسب، او الفرصة المناسبة لتفجيرها، كما حصل مؤخرا مع النائبة ستريدا جعجع، في محاولة لتشويه صورتها وموقفها من على شاشة الـ O.T.V اي الشاشة التي ينتظر منها مواكبة الحوار بدعم وايجابية، وليس بنية الاساءة والتشهير والتعطيل، لكن ارادة الوصول الى نتائج تريح اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، لدى العماد ميشال عون، والدكتور سمير جعجع، كانت اقوى من هدف العرقلة، والامل ان تبقى شعلة هذه الارادة مضيئة، ولا تقدر على اطفائها رياح الحقد والانانية من اي جهة هبت.

الحوار في لبنان، منذ بدأ، يسير في حقول من الالغام قد تكون فرصة الحوار اليوم، هي الفرصة الاخيرة.