لبنان اليوم منهك بالمشاكل، ومتعب بأوزار اجتماعية وانسانية تحتاج الى حلول، ولا تتحمّل التأجيل والتسويف.
طبعا، لا أحد ينكر، ان البلاد عصفت فيها المشاكل، وأحيانا دفعة واحدة، مما حتّم على السلطة التأجيل والتنفيذ في بعض المرافق الحيوية.
لكن، كما ان السلطة وجدت نفسها في الموقع العاجز عن التلبية، كذلك فان المواطن وجد نفسه، أيضا عاجزا عن تلبية حاجاته وحاجات أولاده والعائلة.
ولعل الوضع المعقّد والصعب في البلاد، جعل الادارة والمواطن في وضع متشابه أحيانا، لكن يبقى المواطن في الموقع الصعب، والعجز وهذا ما انفجر دفعة واحدة هذه الأيام.
والأمر نفسه ينطبق على المدرسين والعمال في قطاعات الكهرباء وسواها، ويدفع بالمواطنين الى الاضرابات والاعتصامات، وأحيانا الى مواجهات مع رجال الأمن، وهذا أخطر ما يلجأ اليه الفريقان. فلا الموظف الذي عيل صبره، يتحمّل الانتظار، لأن الجوع كافر، ولا رجل الأمن يقبل أو يتقبّل سقوط هيبته في الشوارع، وهذا ما تجلّى في الأيام الأخيرة، في الكثير من الشوارع والأماكن.
اذا، ما هو المطلوب؟
طبعا، ليس ميسورا الاهتداء، الى جواب سريع، لكن الحق يقع على الجميع أحيانا، وعلى السلطة أولا.
ربما يعود الأمر الى التأجيل، فوصلت الأمور الى العجز عن الانتظار، ووصلت الى الطريق المسدود، في وجوه الحلول المطلوبة.
وفي رأي علماء الاجتماع والتربية، ان الأوضاع الصعبة تفاقمت، على مدى ربع قرن على الأقل من التجميد والجمود، ولم يعد بالامكان حلّها دفعة واحدة، ولا بد من نظرة عميقة الى الواقع الراهن، لأن التسويف في تلبية المطالب لم يعد مقبولا أو يتحمّل المزيد من التأجيل، وهذا ما تجري معالجته في الادارات الرسمية، أو على صعيد الاتحاد العمالي العام.
وفي رأي الجميع، ان الأمور المعقّدة تتطلب دراسة عميقة. نظرا للواقع المزري لخزينة السلطة، ولعدم قدرة العامل والموظف على الانتظار، أكثر مما انتظر على مدى أزمان عديدة.
نعم، السلطة لا تتحمّل التطاول عليها.
ونعم، الانسان لم يعد يتحمّل التسويف والانتظار.
ولا بد من اجتراح حلّ مأزق يشمل الموظف والانسان، لأن الحاجة الى الانصاف تقرع بقوة أبواب الجميع.
وهنا تكمن الأزمة.
ولذلك، فان البلاد أمام ٤٨ ساعة حاسمة، بعد المواجهات الحادة في الشوارع. لا الموظف بات يتقبّل الانتظار، ولا رجال الأمن تسمح لهم الكرامات بتقبّل الاعتداءات حينا، والاستفزازات أحيانا.
ولبنان الواقع أمام هذه المشاحنات، يتطلب من الجميع فسحة أمل وانتظار، لأن المواجهات من الفريقين لا تجدي أحدا.
والحوار الهادئ وهو صعب، مطلوب من الجميع، كما هو مطلوب أيضا، الوصول الى حلّ ما، لقضايا انسانية ومشاكل ظلّت عالقة ومجمّدة سنوات.