IMLebanon

سلوك طريق الحوار يؤدي إلى انتخاب رئيس بـ«رمشة عين»

 

سنوات مقبلة من التأزمات والطبقة السياسية تمعن في دفن الرأس في الرمال

 

 

بات لبنان يصنف على انه بلد العجائب والغرائب، حيث ان الوضع فيه على كل المستويات السياسية والمالية والمعيشية وصل الى ما دون الدرك الاسفل، وهو ماضٍ في عملية إنحدار سريعة اصبح فيها الناس عاجزون عن تأمين الحد الادني من مستلزمات الحياة، فيما اهل السياسية فيه منهكون في الخلاف على جنس الملائكة، وان رزمة قليلة منهم يقبضون على البلد مستفيدة بذلك من المذهبية والطائفية المعشعشة في نفوس الناس، حيث ان البعض من المواطن على استعداد لكي يقتل او يُقتل دفاعاً عن هذا الزعيم او ذاك، وفي المقابل لا يُحرك ساكناً من اجل علبة حليب او ربطة خبز لاطفاله، وطالما الحال كذلك فمن العبث لا بل من السذاجة ان يتوقع اي انسان حدوث تغييرات في الواقع اللبناني من شأنها ان تنتشله مما هو فيه طالما ان المشكلة الاساسية تكمن في النفوس المريضة لدى حفنة من السياسيين مستندة على إما جهل او تجاهل شريحة من المواطنين.

 

إن كل المعطيات المتوافرة في الداخل وعن طريق بعض الدراسات والتوقعات الخارجية تؤكد بأن الوضع المعيشي والاقتصادي يتنقل مع قابل الايام الى مرحلة أسوأ مما نحن فيه، في ظل عجز كامل لدى الجهات المعنية إن كانت سياسية او حزبية عن وضع الضوابط الآيلة الى فرملة الاندفاعة المستمرة لارتفاع سعر صرف الدولار، او وضع الخطط التي تساعد الشعب اللبناني على تجاوز الازمة الراهنة او على الاقل تأمين المقومات الحقيقية التي تجعله قادراً على مواجهتها.

 

استمرار انسداد شرايين التواصل بين المجموعات السياسية ينذر بتداعيات خطيرة على الوضع برمته

 

ويذهب بعض الذين يرصدون المسار الذي تسلكه الاوضاع السياسية في لبنان الى الاعتقاد بأن استمرار البلد من دون رئيس للجمهورية، ومن دون حكومة مكتملة الاوصاف سيؤدي في غضون اسابيع الى حدوث فوضى عارمة إن في الادارات العامة او المؤسسات، حيث لم يعد لدى الموظف القدرة على الصمود، او في الشارع التي وصلت مرحلة الاحتقان فيه الى حدود الانفجار الذي إن حصل سيكون له تداعيات كبيرة على مجمل الوضع اللبناني ولن يكون من السهل السيطرة على هذا الامر في ظل انسداد شرايين التواصل بين المجموعات السياسية التي امتهنت سياسية النكد والنكايات، واعطت ظهرها للغة الحوار التي ما تزال هي وحدها القادرة على حمل هؤلاء السياسيين لسلوك طريق التوافق والتفاهم على الاستحقاقات والملفات الخلافية.

هذا الامر يؤكد عليه يومياً أمام زواره رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يرى ان التوافق هو المفتاح لكل الحلول ويؤسس للعلاجات التي تتطلبها الازمة الاقتصادية والمعيشية. فالرئيس بري الذي عايش الكثير من الازمات السياسية، وخبر طريقة التعاطي في ما بين السياسيين وصل الى قناعة بأنه بغير لغة الحوار والتوافق لا يمكن حتى القيام بنقل موظف من مكان الى آخر، فكيف الحال اذا كان الهدف هو انتخاب رئيس للجمهورية او تأليف حكومة، او معالجة ملف اجتماعي على مستوى ملف الكهرباء او غيره، ولذا فإن الدعوة الى التوافق عن طريق الحوار اصبحت ملازمة حديث رئيس المجلس في كل مناسبة او اجتماع، وهو مقتنع الى ابعد الحدود انه اذا دعا الى جلسات نيابية متتالية كما يطالب البعض، وانه اذا دعا في اليوم لاكثر من جلسة لانتخاب رئيس فإن ذلك لن يحصل في ظل غياب الحوار والتوافق، وفي حال تأمن هذين العاملين فإن عملية الانتخاب تحصل برمشة عين وربما لا يحتاج ذلك من وقت سوى المدة الزمنية التي تسغرقها عملية الاقتراع وفض المظاريف واعلان النتيجة.

في تقدير اوساط سياسية فإن المناخات السياسية في الداخل والخارج ما تزال غير مهيأة لانتخاب رئيس وبالتالي انتظام عمل المؤسسات، وأن مردّ ذلك الى غياب التوافق الداخلي وعدم اكتراث الخارج للوضع في لبنان كونه لا يُعد اولوية مستعجلة بالنسبة لهم قياساً لما هو حاصل على امتداد العالم من ازمات سياسية وعسكرية واقتصادية، وبالتالي فإن المشهد اللبناني الحالي بمختلف مستوياته سيبقى معلقاً لا بل عرضة لمزيد من الارتجاجات والاخفاقات بضعة اسابيع لا بل اشهرا اضافية وسط هستيريا ارتفاع الدولار والاسعار التي قد تصل الى مرحلة لن يعود في قدرة لا مصرف لبنان ولا غيره على لجمها.

 

من هنا فإن الاوساط ترى ان لبنان سيكون امام اشهر عجاف، يفتح معها الوضع على كل الاحتمالات ما لم يحصل اي تطور في الداخل او الخارج يؤدي الى فتح كوة في جدار الازمة تصل الى مرحلة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتضع الوضع المالي والاقتصادي على سكة الحلول التي ستكون حكماً بعيدة المدى ما لم يلقَ لبنان مساعدات مستعجلة تكون بمستوى معالجة الازمة، وتعود الاستثمارات الى مختلف القطاعات التي تتهالك يوماً بعد يوم.